الجمعة، 22 أغسطس 2014

ليلة مصرع الدموع.

اليوم توفت عمتى .. 
بخير ؟؟ .. لم يمسسنى شر من الأصل حتى تتساءل عن كونى بخير .. أنا لا أشعر بشىء .. على الإطلاق .. 
 علاقتى بعمتى ليست من الأشياء شيئًا .. حين يقولون سنذهب لبيت عمتى .. يتراءى لى مشهد لمنزلهم .. صالة المعيشة بالتحديد .. عمتى تجلس على الكرسى "الهزاز" فى الركن كعادتها .. لا تتحدث ولا تتحرك .. لا تعابير على وجهها .. وجهها صفحة صفراء خالية ،لا تسمح لك أبدًا بمعرفة ما يدور بهذا الخلد .. بم تشعر تلك المرأة ؟؟ .. أقصد بم كانت تشعر ؟؟ .. إنها فى المستشفى منذ أشهر .. كان أبى يتنبأ نبأ موتها فى أى وقت ..
مرت فترة طويلة ولم تمت .. فقط حين تناسى أبى ذاك الأمر ..باااااااام .. اتصال هاتفى ثم : "ماما توفت دلوقتى" ،التى صدرت من خالد ابن عمتى .. 
لِم أتحدث عن موت عمتى ؟؟.. التى لم تكن علاقتى بها شيئًا يُذكر أبدًا .. أتعرف لم ؟ ..
 أتعجب أحيانًا من مدى بلادة مشاعرى .. أحاول ذرف الدموع لكنها لا تُذرف .. 
دلفت أمى إلى الحجرة وأنبأت شقيقتى بالخبر ..كنت أنا مستلقية على السرير لا ألوى على شىء .. وحين سمعت بالأمر لم ألو على شىء أيضًا .. فقط أغمضت عينىّ واستكملت نومى ..
حين استيقظت فى الثامنة والنصف مساءً ..كنت قد نسيت كل شىء عن الأمر برمته .. عمتى ؟؟ مَن ؟؟
 رحت أدمدم لنفسى بمقاطع من أغنية "جولين" لـدولى بارتون.. رن الهاتف الأرضى فى حجرتنا .. فأخذت أتلكأ الرد .. أعرف أنه أبى ..من غيره يعرف نمرتنا هنا فى شقة الهرم ..فقط حين رفعت السماعة كان أبى قد وضعها من الناحية الأخرى ..إنه سوء الحظ المعتاد ..يجب أن يضيفوا هذا القانون إلى قوانين ميرفى.
فقط حين خرجت إلى الصالة فى الظلام -كانت الكهرباء مقطوعة- ورأيت أمى تجلس فى الشرفة ملتمسةً بعض الهواء ..فقط حين رن هاتفها وسمعتها تتحدث إلى أبى وتدعو بالرحمة لأحدهم ..فقط حينها تذكرت ، لقد ماتت عمتى اليوم ..
تظننى انتهزت الظلام فرصةً للبكاء فى صمت ؟ .. ها ها ، يا لك من برىء .. فقط استكملت أغنية جولين وأخذت أفكر فى امتحان البيانو بالغد ..ثم تذكرت وقرأت لها الفاتحة ودعوت لها بالرحمة .. ثم من جديد جاء مد الأفكار وجرف معه النبأ .. ورحت أفكر فى شراء "كابو" للجيتار حتى أعزف "جولين" بشكل صحيح .. 
هنا فقط جاءت تلك الغصة فى القلب .. وتساءلت : هل سأتدرب على البيانو والجيتار بينما عمتى قد ماتت لتوها .. ماذا ستقول أمى عنى ؟ .. وشقيقتى ..بل ماذا سيقول أبى ؟ .. ماذا سأقول عن نفسى ؟.. 
أظن أن الأمر ليس نابعًا من الضمير أو شىء كهذا .. ربما فقط أخشى النعوت التى سينعتوننى بها .. إنها فقط المبادئ التى أخذوا يلقونها على مسامعى منذ وعيت العالم .. 
لكن إن سألتنى رأيى ؟؟ .. لا أجد فى ذلك أية مشكلة .. على الإطلاق !!
فإن كان هناك أمر واحد أعرفه عن نفسى فهو : أنا بليدة المشاعر .. أعرف ذلك.