الجمعة، 30 يناير 2015

بعض الأحاديث..

هيي ذير..
أظننى أضعت سبعين ساعة من عمرى على الأقل فى التسكع .. لابد من بعض التسكع ..لابد من بعض الوقوف على نواصى الشوارع ..التجول فى طرقات جديدة لم أسلكها من قبل .. ربما أتسكع مع سلمى .. فهى الوحيدة التى تقبل بالأمر ..الآخرون يرمون بالحجج والمعاذير السخيفة كـ"ورايا كيميا" ..أو"الوقت اتأخر" .. أو على أسوأ الفروض"مامى قالتلى ماتأخرش" ..
أو ربما أتخذ نفسى رفيقة فى التسكع حين تقرر سلمى أن عليها الذهاب .. أسير إلى المريوطية بلا هدف ومن ثم أعود مرة أخرى للتعاون .. ربما أستقل أتوبيسًا حتى الرماية وأهيم على وجهى قليلًا ،بلا هدف محدد .. ثم أستقل واحدًا آخر ليأخذنى إلى التعاون .. ربما أسير من المحافظة حتى التعاون، أستمتع باللا شىء .. البيتلز يدندنون فى أذنى بينما أجر قدمىّ على الطريق ،بأن : "It's been a hard day's night.. and I've been working like a dog..
It's been a hard day's night.. I should be sleeping like a log..
but when I get home to you..
I find the things that you do..
It makes me feel alright.." 
أحيانًا يصرخ "باول ماكراتنى" فى أذنى قائلًا: "Let it be".. فَليَكُن .. اتركى الأمور لتكون ولا تتدخلى فى شئون الكون أيتها الحمقاء الصغيرة ..من أنتِ على أية حال لتفعلى؟؟،هه؟؟.. إذن،فليكن.. 
ربما يأتى برايان آدامز ويشكو لى حبيبته التى أحبها منذ الطفولة .. 
"
Oh , thinkin' about all our younger years There was only you and me  
 "We were young and wild and free
 فلتذهب إليها يا برايان ..ولتعطها ذلك السوار الذى ظنت أنها أضاعته وأنتما فى الثامنة ..بينما كنتما تلعبان بالأرجوحة الزرقاء.. لكنك احتفظت به طوال ذلك الوقت..
ثم يأتى توم يورك العزيز .. بتلميحاته الغامضة .. يخبرنى بأنهم سيطعموننى للكلاب .. سيطعموننى للـ"Daily mail" .. ربما يهمس لى بالسر الذى دفع الرجل فى أغنية "Just" إلى أن يلقى بنفسه على أسفلت الطريق .. فى وضع الاستلقاء ،ناظرًا إلى السماء بالأعلى ، رافضًا أى محاولات من المارة ورجال الشرطة لاقناعه بالاعتدال وقوفًا..
كم هو كريب-توم-.. كم هو ويردو..
بروس سبرينجستين لا زال يتغنى بأيام مجده فى أغنية Glory days.. فرقة ACDC لا ينفكون يخبروننى كل دقيقة أننى :"On my highway to hell " .. وأنهم ولدوا ليكونوا "Wild"، ولن يقبلوا بأى شىء إلا الوايلدنيس..
الـDeep purple يقسمون لى بالأيمان أنهم جميعًا أتوا إلى"مونتريكس" ..  على ضفاف بحيرة "جينيفا" .. ليسجلوا بعض الأغانى بواسطة موبايل ..
جون لينون يدعونى لأن أتخيل معه عالمًا بدون حروب .. بدون جحيم أو نعيم .. وأن الناس يعيشون فى سلام..
فلتستمر فى التخيل جون .. أعلم أنك تتحلل فى قبرك الآن ولم تعد تتخيل أى شىء..لكن فلنتخيل أنك لا زلت تتخيل ..
كل هذا وأنا أهيم فى الشوارع .. والمارة حولى لا يملكون أدنى فكرة عن تلك الأحاديث بيننا..
مَن يكترث للموسيقى على أية حال؟!    

  

الأحد، 25 يناير 2015

-يلا نسافر أمريكا.. -يلا !!

مرحبًا بصديقى القديم..ذاك الذى بقى حين رحل الجميع..
لا داعى للإبتذال.. إنها عادتى الأبدية -الابتذال- ..
كانت الظروف والاحتمالات دومًا معاكسة لمحاولاتى فى الكتابة إليك.. فى مرة لا ينفتح الـGmail .. ومرة أخرى لا تنفتح نافذة "تحرير الرسالة" لسبب غريب لا أدريه.. أسباب إلكترونية لا أفقه منها شيئًا..
المهم، وها قد صارت الظروف-لأول مرة منذ شهور- فى صفى ..أكتب إليك رسالتى الأولى ..هى الأولى بعد انقطاع دام لشهور لم أحصها ..
فى الفترة الماضية ،صارت أحلامى ذات طابع غريب.. فى الحقيقة صرت أنتظر لحظات النوم بفارغ الصبر انتظارًا للحلم الجديد..وكأن الستار ينكشف عن مسرحية جديدة ..أو كأنه العرض الأول لفيلم ما.. فصل جديد فى رواية ما..بطريقة ما أصبحت أحلامى ثلاثية الأبعاد إلى درجة مرعبة ..
وكنوع من تزجية الوقت ..ولأننى مراهقة سخيفة تحب أن تملأ الدنيا صراخًا وحديثًا عن أحلامها؛ سأقص عليك ذلك الحلم الذى بدأت به سلسلة الأحلام ثلاثية الأبعاد..سجلته كمسودة على هاتفى حتى لا ينمحى من ذاكرتى قصيرة المدى..
فى الحلم..
قابلت فيروز.. أنت تعرف فيروز يا عزيزى .. وتعرف كم أعتادت أن تكون أنا ..وكم اعتدت أن أكون هى..
قابلتها..هكذا بدون الكثير من المقدمات ..وسألتها:
"تُرى.. ماذا سنفعل هذه الظهيرة معًا؟؟"
فاقترحت فى بساطة أن نسافر إلى أمريكا.. ضحكت منها ،ثم حين اكتشفت أنها جادة فيما تقول ..سألتها: "جديًا، يعنى ايه نسافر لأمريكا؟؟"
هنا سألتنى فى بساطة غريبة: "معاكى فلوس؟؟"
وبطريقة ما ، وجدت فى جيبى ألف جنيه ..لا أدرى لم كانت هناك..لكن من الواضح أننى كنت أخطط لشراء شىء ما غير تذكرة لأمريكا..
هنا وجدتها تسحبنى من يدى وتقول شىء كـ"هيا ..فأنا أفعلها كل يوم حين أملك النقود لذلك"!!
وهنا-كما يحدث فى الأحلام- وجدتنا فى المطار..المطار الذى لم أره قَط فى حياتى..كان كـ... كأى مطار..طائرات كثيرة تحط وتطير وتفعل ما تفعل الطائرات ..تزأر وتأز..
وخلال دقائق،وجدتنى أمسك بتذكرة..ووجدتنا فى طائرة منطلقين إلى أمريكا..يا لها من طريقة لقضاء الظهيرة..
كنت لم أزل فى حالة الذهول تلك..هل سنسافر إلى أمريكا حقًا؟؟..وإلى أى مكان بالضبط فى أمريكا؟؟
قالت فيروز أننا متوجهون إلى ويسكونسين ..وأننا سنعود قبل الغروب..
وخلال دقائق من صعودنا على متن الطائرة..سمعنا مكبرات الصوت تعلن الوصول إلى ويسكونسين بالإنجليزية..
خرجنا من الطائرة ، فيروز تبدو وكأنها اعتادت هذا كثيرًا.. تبدو كمحنكة فعلت هذا عدة مرات..وكأن السفر إلى أمريكا روتين آخر على جدول أعمالها!!
حين خرجنا من الطائرة ، كنت أبدو كطفلة منبهرة بكل شىء..طفلة اصطحبها أحدهم إلى متجر الألعاب..أو إلى مصنع الشيكولاتة ..
الشمس جميلة فى هذا المكان..الشمس هنا تختلف عن الشمس هناك فى ذلك البلد الذى سنعود إليه قبل الغروب..على الرغم من أنها شمس واحدة ..لكنها هنا جميلة برتقالية..حين تضىء وجوه الناس فإنها تزيدهم جمالًا..
وهنا، لا أدرى متى ولا كيف وجدتنا فى شوارع المدينة.. دخلنا مكتبة ما ..وأخذنا نتفحص الكتب ..ثم وجدت تلك الموسوعة..لا أدرى لم شدت انتباهى بشكل خاص..لكنى رحت أتصفحها مع فيروز .. أريها كم أنها نظيفة تلمع..كم أنها منظمة ..وكم هى رائعة نوعية الورق تلك..كانت موسوعة جميلة ملونة..
لكننا سرعان ما خرجنا من المكتبة لنسمع جرسًا ما ..ونجد أطفال البلدة ذوى الوجوه الوردية التى تُضَخ إليها الدماء بشكل جيد..كلهم يجرون نحو المكتبة..يضحكون ويلقون الدعابات هنا وهناك..
راقبناهم لفترة لا أدرى طولها.. قبل أن نبدأ فى التجول فى الشوارع من جديد.. لا نلوى على شىء..أتوقف قليلًا لألتقط أنفاسى..قبل أن تسحبنى فيروز من يدى ..وننطلق فى جولات بلا هدف ..لا أذكر ما شاهدناه هناك ..لكنى أذكر انبهارى بكل شىء..القراءة عن ويسكونسين شىء..وأن تكون فى ويسكونسين شىء مختلف تمامًا.. 
لا أذكر معالم المكان ..لكنى أذكر جيدًا ضحكاتنا .. لم يكف وجهى عن الابتسام..وهذا فقط ما أذكره..
كان كل شىء جميلًا..الأماكن لها طابع غريب وكأنها حلم جميل -هكذا فكرت داخل الحلم- ..ولم أكن أدرى طبعًا أن هذا فعلًا مجرد حلم جميل آخر ..وفى لحظة ما سأستيقظ لأجدنى فى سريرى الخشبى أرتدى ذلك البلوفر الذى أمقته ..وبجانبى السماعة الضخمة العتيقة التى صرنا نستعملها ككومود ..وعليها عويناتى وبعض الكتب ومجلات ميكى..
لم أكن أدرى أننى سأستيقظ من كل هذا لأكتشف أكوام الاستذكار التى من المفترض أن أنجزها..
من حسن الحظ أننى لم أكن أدرى ..وإلا لما كنت حظيت بوقت ممتع كهذا..
حين جاء وقت العودة إلى ذلك البلد الذى هجرناه لساعات..
عدنا إلى المطار ..ودعت الشمس البرتقالية الجميلة بنظرة أخيرة .. ثم صعدت مع فيروز على متن الطائرة العائدة إلى ذاك البلد ..وكما حدث فى بداية الرحلة ..سمعنا الصوت يعلن الوصول إلى القاهرة ..التى لم تقهر أحدًا إلا أهلها ..
وبمنطق الأحلام ..وجدتنى مع فيروز فى ميكروباص ، عائدين إلى الجيزة ..أرى التكاتك وسائقى الميكروباصات الساخطين دومًا على شخص ما لا أعرفه .. 
الازدحام والشمس الساخطة كسائقين الميكروباصات ..رائحة أول أكسيد الكربون تفعم الجو .. العامية المصرية تتسلل إلى مسامعى..
ابتسمت ..وفكرت : من يصدق أننى منذ دقائق كنت فى ويسكونسين ..أشاهد أشعة الشمس البرتقالية الجميلة وأتركها تلامس وجهى لتضفى عليه بعض الجمال..بين أشجار التفاح التى يأتيها النسيم فتتمايل أفرعها مرحبة به.. 
رحت أتذكر تفاصيل ذلك المكان الجميل طوال رحلة الميكروباص.. وكأننى لا أريد لشىء منها أن ينمحى ..وكأنها قطرات ماء فى قبضة يدى ..أستميت عليها حتى لا تنساب على الأرض.. أرغب فى تذكرها كما هى ..
حينها أخبرت فيروز وأنا أرجع رأسى إلى الوراء وأرقب أشعة شمس الغروب : "أتعرفين ؟؟كان هذا أفضل يوم فى حياتى.. أفضل ظهيرة فى حياتى "
لا أدرى أسمعتنى أم لا .. صوت الزحام كان أعلى من صوتى .. لكنى لم أهتم..
.........
فيما بعد.. أخبرتنى فيروز أن الرحلة تكلفت ستمائة جنيه ..وقالت أنهاعادة لا تكلف أكثر من 71 جنيهًا ..وأخبرتنى أيضًا أن التكلفة كانت مرتفعة لأنهم وفروا لنا إمكانيات اضافية أثناء الرحلة .. فتوسلت إليها أن تستغنى عن تلك الإمكانيات الاضافية وألا تطلبها مرة أخرى.. ليكون فى وسعنا تحمل نفقات رحلة أخرى..
, .....
الأحلام تتداخل فى بعضها كموجات الضوء.. كلنا يعرف ذلك..وفى تلك الليلة أظننى رأيت ثلاثة أحلام.. حلم مؤلم ..وآخر جميل.. وحلم جميل مؤلم ..
أما الجميل.. فقد سردته عليك للتو.. وعن الحلم المؤلم ..فهو..
مؤلم..
سأسرده عليك فى المرة القادمة-إن كان مقدرًا أن تكون هناك مرة قادمة- ..لن تصدق كم أنا غريبة الأطوار سايكو ..!!