الخميس، 26 فبراير 2015

الكبش والآنسة..

كل الترحيب لصديقى القديم..
تتساءل عن العنوان الغير معتاد ؟؟..ويل،إنه فقط تشيكوف..
أقرأ لتشيكوف حاليًا ..مجموعة قصصية هى .. و"الكبش والآنسة" واحدة من تلك القصص وعلى رأس ما أعجبنى بشكل خاص فى تلك المجموعة..
ومن الواجب ذكر أننى بدأت فى "ثرثرة فوق النيل" اليوم ، رواية نجيب محفوظ التى أقرضتها لى إسراء منذ أيام "قصر الثقافة" الباسمة.. أى من حوالى ستة أشهر أو ما يزيد..
أترغب فى بعض الثرثرة الفارغة؟؟ .. فلا أحد يأتى هنا ليقرأ.. فلنخلع أحذيتنا الضيقة ومعاطفنا وأقنعتنا الزائفة،تعال نضع تلك الأقنعة بجوار باب الشقة..نعم هناك ،فى ذلك الركن بجوار الباب ،أمام المرآة البيضاوية الكبيرة التى تصر شقيقتى على إبقاء زجاجها الفضى لامعًا دومًا..تعال لنحظى ببعض الراحة..
أتعلم يا صديقى، أرغب فى سماعك تتحدث إلى .. فلتتحدث قليلًا ..قل شيئًا أى شىء..فطوال فترة معرفتى بك وأنا التى تتحدث دومًا ، أجيب عن أسئلتك الغير مسموعة..وأضحك من دعاباتك وسذاجتك التى لا أراها ولا أسمعها ولا أقدر على وصفها تمام الوصف إن سألنى سائلٌ عنها..
 أستشعر حديثك ولا أسمعه ..نعم ، لكنى أطوق لبعض الحديث ..
"حسنًا ، إن كان هذا ما تشتهين، أنا هنا"
أهذا أنت حقًا؟؟ 
"وأى مكسب أجنيه من خداعكِ؟"

 "حسنًا،دعكِ من هذا،أرغب فى بعض الثرثرة، كيف كان يومك؟"
نعم صحيح ..يا لى من ساذجة. 
 .  ويل، جيد .. ارتديت ذلك البلوفر الرمادى الذى بات بمثابة الزى الموحد .. وخرجت من المنزل فى الثامنة صباحًا إلى ذلك السنتر فى شارع "نصر الثورة" .. 
عرجت على السنتر فى عجلة من أمرى .. متأخرة كالعادة، تتساقط حاجياتى من حقيبة الظهر المفتوحة .. أنحنى لأجمعها .. ومن ثم أخرج ذلك الدفتر الأسود المنشورة عليه ألوان عدة .. لو كنت تبصر يا صديقى لأحببت ذاك الدفتر.. أسلم الدفتر لفتاة ،تنشر بعض الصمغ على الورق وتلصق ورقة امتحان بصفحة من صفحات الدفتر العزيز..
امتحان على درسين من دروس القراءة ..أحدهما عن "العقاد" ..والآخر درس جغرافى سخيف لا أدرى له أولًا من آخِر.. 
أُنهى الامتحان فى ملل ..ثم أخرج "ثرثرة فوق النيل" ، وأجوب بين الصفحات قليلًا، فتاتان تثرثران فى مقعدين بالخلف.. أسمع ثرثرة عن مسلسل تركى ما .. تقول واحدة أنهم يعرضون الحلقات بالكامل على صفحة ما على الفيسبوك.. وتظهر الأخرى استحسانًا واندهاشًا وعدم تصديق ..تقول واحدة أن البطلة ستتزوج ابن عمها فى الحلقة العشرين .. لكن عمها لن يرضى بالزيجة ،لأنه يملك خططًا أخرى لابنه، وتلك الخطط لا تتضمن الزواج من ابنة عمه .. 
وهكذا وجدتنى بين عالمين يا صديقى ..عالم تثرثر فيه الفتيات عن الفتيات اللاتى يتزوجن بأولاد أعمامهن ..والأعمام الساخطون دومًا ذوو المصالح.. وعالم يثرثر فيه الأخ "أنيس زكى" فوق النيل عن هلوساته، عن الحوت الذى يفغر فاه وكأنه يعتزم التهام النيل بأكمله ..ثم يتوقف ويغمز بعينه ويقول بصوت أجش: "أنا الحوت الذى نجّى يونس"..
آمم علىّ الذهاب الآن ، نستكمل حديثنا فيما بعد..حسنًا؟؟
   

الاثنين، 2 فبراير 2015

القليل من النوستالجيا لن يضر..

متى يبدأ المرء فى العودة للوراء وتذكر بعضًا من الماضى ؟؟ .. ربما بعد الإنتهاء من رواية جيدة؟؟ مثل The Book Thief مثلًا..فيلم جيد؟؟..ربما كـ The Curious case of Benjamen Button؟؟ .. أو حتى بعد سماعه أغنية جيدة ؟؟ .. مقطوعة جيدة؟؟..مثل The Entertainer لـسكوت جوبلين..
ربما حينها يبدأ المرء فى فتح بعض الصناديق التى عبأها بدقائق حياته ونساها فى ركن من ذاكرته..
سوو.. لا أرى ضررًا فى أن أمارس هوايتى فى التذكر .. وخاصةً أننى قد فعلت كل تلك الأمور التى تدفع المرء دفعًا إلى النوستالجيا ..وتحيل رأسه عشًا لذباب الذكريات ..تشبيه شاعرى ..أليس كذلك؟
وأؤكد لك -عزيزى- أنه لو تمت استضافتى فى برنامج سخيف ما ..وسألتنى المذيعة الملطخة بالأصباغ بينما تلوك قطعة من اللادن فى وحشية : "ايه أكتشر حاجة بتشكرهيها ؟؟"
سأهز كتفىّ وأخبرها : "طنين الدبان جنب ودنى.. وآممم ،بعد ما اتعرفت على حضرتك أعتقد إنى هاعيد ترتيب قائمة الحاجات اللى باكرهها!"
لن تفهم أننى أزدريها على أية حال ..ستنتقل إلى السؤال التالى ، وغالبًا سيكون : " لعبتى جاتا 71 ؟؟ " 
المهم ، ولأننى أمقت طنين الذباب بالقرب من أذنى.. وأغطى أذنىّ بطرحة حالما أكتشف وجود ذبابة فى الجوار.. 
فإننى .. آمم ..لا أطيق ذلك الطنين فى عقلى .. ذباب الذكريات هو الأكثر إلحاحًا بين كل الذباب..
لذا .. دعنى أتحدث عن ذلك الصيف .. منذ عام ونصف العام..
أرانى فى شوارع مدينتى القديمة..الرماية..أرتدى بنطالى الجينز الداكن المفضل.. وذلك التيشيرت قصير الأكمام ذو اللون الكحلى الأرجوانى .. خليط من ألوانى المفضلة،وقد انتهيت للتو من مهمة إنزال دراجتى على درج البناية ، من شقتنا بالدور الثالث ..الشقة 22..
أمشى بجوار الدراجة على الرصيف المتباين فى درجات الـ"بايج" ..ألقى نظرة على ورشة الميكانيكا التى افتتحها -حديثًا- شاب طموح ما ..
أحمل الدراجة إلى أسفلت الطريق بعيدًا عن الرصيف ..ثم أعتليها وأدير البدالات ..أقود إلى تلك المحطة أمام منزلنا ..بجوارى تهدر أتوبيسات النقل العام متجهة للموقف بعد يوم طويل.. أرى شمس الغروب فى الأفق وأحييها بنظرة ، فلا تردنى خائبة الأمل بعينين محترقتين ..بل تتركنى أنظر إليها ما شئت .. 
أسير بعيدًا ..بين الحدائق المهجورة والأشجار الطويلة التى أحبها بشكل خاص .. لا أحد يسقيها الماء..لكنها لا زالت تجد سببًا منطقيًا للعيش..
أقترب من حدود المدينة ..ذلك المنزل الحاد .. أفكر فى الضغط على الفرامل لتقليل السرعة ..وخاصةً أنها منطقة عربات نقل .. لكنى أعدل عن ذلك .. وفى أذنىّ يتردد لحن أغنية "Free Bird" .. أغنية فرقة "لينارد سكينارد" الأشهر..صوت الأورجان فى بداية الأغنية ..الإنترو الشبيه بعواء طويل متصل.. أو صوت قطة تنتحب.. الجيتاريست العبقرى يثبت مهارته فى تشكيل صوت الجيتار كما يريد..
هدير عربات النقل لا يغلب على صوت الجيتار الكهربى المميز فى الأغنية ..
"دا دا دام دام دااااام .. دا دا دام دام دا دا دااام"
أرى بعض الشباب الرقيع يقف فى الأرض القفر المحيطة بحدود المدينة ..يشير إلىّ وأسمع بعضهم يقول : "ما تجيبى لفة ..أهاهاهاع " ..لكن صوت الجيتار أعلى .. سرعان ما أتخطاهم وأرسم فى الهواء بأصبعى الوسطى علامة "فاك يو" .. بينما يردد رونى : "I'm a freeeeeee Bird".. الهواء يلفح وجهى ..أشعر به بين خصلات شعرى .. بينما يردد رونى : And this bird you cannot change"..
وأفكر : "أوافقك الرأى رونى"
ثم أواصل طريقى خارج المدينة ..