الثلاثاء، 14 يوليو 2015

الخيط ..

هيى .. 
هنا ، حيث نمارس البصاق الفكرى بلا توقف..نكتب الهراء الذى يعتمل بفكرنا حتى لا نصاب بالجنون .. نعرف أن هذا لن يجدى نفعًا ، فقد بدأنا فى أطوار الجنون منذ قرون .. قبل أن يوجد هذا الكون..لكننا لا نكف عن المحاولات البائسة .. تمامًا كما فى أسطورة "سيزييف" البائس ..
وبينما يبحث أصدقاؤنا البشر عن الحب الأبدى وظلال الأشجار الغير محدودة وأشعة الشمس التى تكسب بشرتك اللون البرونزى ، فنحن نعرف الحقيقة .. وكم أن هذا بائس .. لقد احترقت أجنحتنا الشمعية عزيزى المسكين إيكاروس .. لقد اقتربنا من الشمس أكثر من اللازم صغيرى المسكين إيكاروس .. ما كان سيضرنا لو أننا شاركناهم البحث عن الحب الأبدى ، وظلال الأشجار وأشعة الشمس الوادعة .. والحشائش والرمال الساخنة وضوء القمر والمجرات..وما هو قائم ، وما كان قائمًا منذ الأبد ..
إن أسطورة "سيزييف" وأسطورتك عزيزى "إيكاروس" ، ميدوسا ، زيوس،هرقل،أثينا،بانادورا.. وأمثالكم إخوة الميثولوجيا الإغريقية .. لستم أنتم الأساطير كما يظنون ، أصدقائى ..أوه لا،لستم كذلك ..
البشر يبحثون عن الأساطير ..

السبت، 4 يوليو 2015

عنوان ما ..

أما ونحن على شفا حياة جديدة يا صديقى .. فأظنك تعرف إلى أى حد تغيرت .. ثمة أشياء تغيرت للأبد هناك بالداخل ..
وأولئك الأشخاص الذين عرفتهم فى حياتى القديمة قد ذهبوا للأبد ..ومن لم يذهب منهم فسأتجاهله للأبد ..
على أية حال ، لقد انتهت حياة قديمة،لتُبعَث من رمادها حياة أخرى جديدة، تمامًا كطيور العنقاء..وأعرف أن هذا تشبيه مبتذل،لا داعى لأن تخبرنى بهذا..
مؤخرًا،صرت أمضى الوقت ما بين المنزل والشوارع ..
أما بالمنزل ، فأقضى الوقت فى استعادة ما ضاع من مهارتى فى العزف على البيانو ، لقد تراكم التراب على حقيبة البيانو السوداء كما لو أننى قد تركتها فى قبر لتتعفن لأعوام ..
أحيانًا أمضى الوقت مع الجيتار، أصنع الـcovers بلا توقف، أحاول بلا توقف الوصول إلى الـchords الصحيحة المستعملة بالأغنية ، أحيانًا أنجح ، أحيانًا ينتهى بى الأمر مستلقية برأسى على لوحة مفاتيح اللاب توب من اليأس.. لكنى-فى جميع الأحوال- لا أترك شيئًا دون تسجيل..أؤمن بأن على المرء تذكر فشله بقدر ما يتذكر نجاحه ..وهذا -بدوره-قول مبتذل،أعرف ذلك .. لكنها الحقيقة ولا جدال..
أحيانًا أشاهد الأفلام، أو بعض الحلقات من مسلسلاتى المفضلة والتى كنت قد هجرتها لوقت طويل .. 
وفى معظم الأوقات، أستلقى على أرضية غرفتى وفى أذنىّ السماعات السوداء الصغيرة..أحدق إلى فراغ السقف بلا هدف ..فقط أستمتع باللا شىء..كم هو ممتع اللا شىء..
وإذا خرجت شقيقتى إلى عملها، وخرجت أمى لقضاء بعض حاجات المنزل ، ونام شقيقى وأبى فى الجانب الآخر من المنزل.. أنتهز الفرصة لأغلق باب غرفتى باحكام ، أضغط زر تشغيل اللاب توب ، ثم أضبط الصوت على أعلى ما يمكن ، وأنتقى بعض أغانى الروك من الـplaylist..وأرقص حتى تُنهَك قواى وأقع أرضًا لأنام ..وطبعًا لا أنسى أن أمد يدى إلى اللاب توب،لأضغط زر الإيقاف قبل حدوث ذلك..
 أحيانًا أقرأ الكوميكس أو الروايات ..
أما عن أنشطتى خارج المنزل ، فمنذ أول يوم بالاجازة وأنا أمضى الصباح فى التسكع بالزمالك..جولاتى بالزمالك تجعلنى موقنةَ أكثر فأكثر أن الوحدة ليست شيئًا سيئًا إلى هذا الحد .. ليست سيئة على الإطلاق .. فلا أحد معى ليخبرنى أن الجو حار،وأن علينا الاكتفاء بهذا القدر من التجوال .. أو ليخبرنى بأن الوقت قد تأخر وأن علينا العودة لمنازلنا .. لا أحد .. فقط الأشجار والمتاجر وأشعة شمس الصباح الباكر ..
ألتقط الصور بلا توقف.. إن كل شىء جميل بالزمالك .. المتاجر تبدو وكأنها خرجت للتو من أحد أحلام فتاة صغيرة ..كل شىء ملون ومبهج .. وفى كل ركن أعثر على متجر للكتب .. ومتاجر تبيع الكوميكس، ومتاجر للآلات الموسيقية ..ومتاجر الكعك الملون ..وفى شرفة من شرفات العمائر يجلس فتى ويعزف الكمان .. مقطوعة لتشايكوفيسكى ..أسير فى الأفينيو وأشجار تلك الجنة الصغيرة تظلنى من كل جانب .. 
الزمالك ، حيث تقود الفتيات الدراجات ورؤوسهن مرفوعة بلا خوف .. ويجلس الفنانون على الأرائك ليرسموا التماثيل اليونانية.. أحيانًا أجلس على أريكة من تلك الأرائك وأخرج دفترى وأشاركهم الرسم ، أرسم رسومًا سريعة بلا تدقيق ، حتى يتبقى لى الوقت لأستكمل جولاتى ..
أستمع لأغنية the tourist لـradiohead بينما أتجول هنا وهناك ..توم يورك يخبرنى أن :"slow down"..لكننى أتجاهله وأستكمل ما كنت أفعله : الانبهار بكل شىء..
 أدلف إلى متاجر الكتب وأختار رواية وأدفن نفسى فيها لبعض الوقت ..قبل أن أدرك أن على كل هذا أن ينتهى .. وأن علىّ العودة إلى منزلى،المدفون تحت ركام العوادم ودخان السجائر والأتربة التى تثيرها الميكروباصات فى كل صوب..
أملك زمام نفسى ، وأعود من حيث أتيت ، عزائى الوحيد أنه ستكون ثمة جولة أخرى فى صباح الغد .. أقفز فى إحدى عربات المترو وأعود لمحطة الجيزة .. ثم أركب أتوبيسًا من هناك حتى منزلى..
أواجه بعض الصعوبات فى إبقاء هذه الجولات سرية .. لكنى -حتى هذه اللحظة- قد نجحت فى ابقاء الأمر سرى إلى حد ما .. عائلتى تظن أننى أتسكع مع بعض الأصدقاء فى مكان ما ..هذا لا يعنى أنهم سيعارضون الأمر بشكل ما .. لكنى أعرف جيدًا كم سيسخروا من الأمر،كم سيضحكوا من سخافتى،أعرف تمام المعرفة أنهم لن يروا فى الأمر أى ضرب من ضروب المتعة،تلك التى أجدها فى التجول هناك ..
فهلا تبقى الأمر سرًا،صديقى ؟؟