الخميس، 23 يونيو 2016

البعث.

مرحبًا..
لا أدرى ..هل مر عام؟ عام ونصف؟..
نسيت ملمس أزرار لوحة المفاتيح التى كنت أحفظها عن ظهر قلب من كثرة ما كتبت إليك . ها أنا أتعثر وأتخبط وسط الحروف وأصابعى طائشه تضغط فى كل مرة على حرف..
بلاغتى اللغوية قلت كثيرًا .. فمعذرةً فقدراتى اللغوية انحدرت كثيرًا..أتعرف أننى توقفت عن القراءة منذ فترة طويلة..صرت أقوم بها من حين لآخر كنوع من أداء الواجب لا أكثر..
هل تذكر مصطلحاتى اللغوية الملتفة وتعليقاتى الذكية ثقيلة العيار..لم تعد هناك..لم يتبق شىء..لم أعد تلك الفتاة ابنة الخمسة عشر عامًا التى كانت تكتب إليك بانتظام كل يوم مهما كانت الظروف..التى كانت تغير من توقيت مدونتها حتى تستطيع أن تكتب لك فى الموعد المحدد إن قست عليها ظروف الحياة وتأخرت فى الكتابة..أوه لا لقد تغيرت كثيرًا صديقى..
أنهيت امتحاناتى فى أول عام لى فى كلية الهندسة اليوم..أسمعك تقول: يااه كلية؟؟ لقد فاتنى الكثير منذ كنتِ تلك المراهقة التى تأتى إلى باكيةً كلما عاملتها الحياة بجفاف..
نعم أعى هذا وأدريه جيدًا.. وليس ثمة شىء أفعله لاعادة تركيب أجزاء الكوب المنكسر..لقد تفتت فى الأرجاء..فجزء تحت الأريكة..وجزء أسفل الثلاجه..وجزء التقطته حمامة بمنقارها وضاع فى بطون أولادها الحمامات الصغيرات..
ولا داعى لأن أحاول كالحمقاء -التى كنتها دومًا- أن أسرد لك ما فاتك من مسلسل حياتى..فى كل مرة كنت أنقطع عن الكتابة إليك كنت أقول :"هئنذا عدت من جديد ..سأحاول سرد ما فاتك من مسلسل حياتى الرتيب بلا بلا بلا...." ثم أسرد وتعود أنت من جديد لتكون معى على الخط..لكن ليس هذه المرة..لقد حدث الكثير..
قابلت فتى وقد تغير كل شىء منذئذ..أنت تدرى بعاداتى فى البقاء بعيدًا عن الناس وتجنب الصداقات طويلة المدى.انا مجرد ذئب بشرى يريد ان يُترك وشأنه..
لكن ذلك الفتى..صار عالمى الصغير يدور حوله..لا أدرى هل هو أفضل صديق حظيت به لأنه صديقى الوحيد..أم هو بالفعل أفضل شخص يمكن أن أكون قد حظيت أو سأحظى به طوال المدة المتبقية من حياتى البائسة؟..لا أدرى..أيًا ما كان الأمر..لقد مر عام منذ أن حدث ذلك الفتى فى حياتى..عام واحد ويمكننى الآن أن أقول بقلب مستريح أننى قد أبيع روحى لشراء ثمن إنقاذه .. وقد رأيت أنه سيكون عارًا علىّ لو أننى عدت إلى الكتابة إليك ولم أكتب لك عن الحدث الرئيسى الذى طرأ على حياتى..لذا فكان لابد أن تعرف بشأن ذلك الفتى..
ولكن أتدرى؟..أخشى فى بعض الأحيان أن أهتم أكثر من اللازم -مثلما كنت أفعل فى كل علاقاتى القليلة السابقة بالبشر- ..أن أكون ذلك الشخص البائس الذى يدور عالمه الصغير فى فلك الشخص الآخر..أخشى أن أكون مثيرة للشفقة..وإن كنت لم أذكر ذلك،فذلك الفتى يا صديقى..اممم..عملىّ أكثر من اللازم..أخبرنى اليوم أنه لو توفىّ أحد أفراد عائلته وكان عليه أن يلقى عرضًا تقديميًا فى شركة..فإنه سيضع حاجزًا بينه وبين مشاعره وسيعطى العرض التقديمى كأى محترف..سيضع كل العلامات التى تدل على أنك ما زلت بشريًا جانبًا وسيتعامل مع الأمر كالـ"محترفين"..لا أدرى..حين قال هذا أومأت برأسى موافقة..هذا عظيم هذا رائع وإنه لأمر تُرفع له القبعات احترامًا..لكن بداخلى شعرت ببرودة فى روحى..وكأن أصقاع روسيا قررت شد الرحال وزيارة روحى أينما كانت..حينها أدركت أن الفتى تغير للأبد..وليس ثمة شىء أفعله لإنقاذه..
أو ربما هو لا يحتاج انقاذًا من أحد..
لا أدرى حقًا..
اكتب إلىّ فأنا فى حاجة لرأيك وحكمتك..
انتهى.