الثلاثاء، 25 أغسطس 2015

لن ينجيكم أن تختبئوا فى حجراتكم،أو تحت وسائدكم،أو فى بالوعات الحمامات..

أقترح بعض الموسيقى، ربما ستساعدك على فهم الآتى:
5=2+2
Nude 
                              * * * * * * * * *
حين نرحل عن هذا العالم..حين نأوى إلى العالم السفلى،وتنتفخ أجسادنا فى أطوار التعفن،تنتفخ بالكبريت والفطريات..ثم تنفجر فى الظلام لنمتزج امتزاجًا أخيرًا بالأرض،نتحول لعناصر الكربون والكبريت والهيدروجين،نساهم فى خصوبة التربة التى سيأتى يوم عليها ويمتلكها شاب طموح ما يُدعى "حازم"، يبغى زراعتها بالقمح ،حتى "يُكون نفسه" ويذهب ليتزوج زميلته فى الجامعة، والتى غالبًا سيكون لها اسم كـ"داليا"..الحازمون يليقون بالداليات..هذا معروف..
المهم أننا حين ينتهى بنا الأمر إلى العدم بعدما كنا نملأ الدنيا صخبًا ونضع الخطط الكبيرة ونملأ رؤوسنا بالأفكار البراقة فى ذلك العالم فوق الأرض،فوق التربة..فسيسرنا لو عرفنا أن أحدهم سيرثينا..على الأقل رثاءً مدته بضعة أشهر..لن نطلب ما هو أكثر..تضحك؟ ..نعم أفهم علام تضحك...فحين نصير إلى العدم،كيف لنا أن نسر أو نحزن ؟..كيف لنا أن نعرف أثمة من يرثينا أم أننا ذهبنا طى النسيان؟..أجساد امتلأت بالعفن وأملاح الكبريت حتى فاض كل ذلك منها وانفجرت فى الظلام تحت التربة..ماذا؟..أراك تبعد وجهك فى تقزز..أراك تنظر لى فى تشفٍ وكراهية..كأننى أخفى زجاجة اللبن الأخيرة فى العالم،والتى يحتاجها طفلك ليعيش..
ماذا؟؟..أيُعد تقرير الحقائق جريمة؟..شيئًا باعثًا على الاشمئزاز؟..آه أنت واحد منهم..مجرد واحد آخر..ألم يخبروك أنك ستموت يومًا ما؟ هه؟..آه فهمت..الموت موضوع محرم كما الجنس..أقنعوك فى مراهقتك أن الجنس جريمة باعثة على الاشمئزاز..لكن للأسف هى لازمة لاستمرار النوع..يا للأسف..نحن مضطرون لارتكاب هذه الجريمة من أجل استمرار البشرية..لكنها جرم لا يغتفر..يا للبؤس..قالوا لك أن جسدك باعث على الاشمئزاز..خير لك أن تلقى بنفسك من نافذة فى الطابق الرابع والعشرين من ناطحة سحاب..فأنت باعث على الاشمئزاز كحشرة حرشفية فى مستنقع وحل..آه ،فلتضع بعض الملابس عليك،لتدارى تلك الجريمة..أنت جئت إلى العالم نتيجة جريمة..إذن فأنت نفسك جريمة..ويومًا ما سترتكب ذات الجريمة التى جاءت بك إلى العالم..لتأتى بجريمة أخرى إلى العالم..هكذا تسير الأمور..هكذا سارت وهكذا ستسير إلى أبد الآبدين..كلكم أبناء داعرين وعاهرات..وستصيرون داعرين وعاهرات..لتأتوا إلى العالم بداعرين وعاهرات..
تعرف أننى مُحقة فى كل كلمة..أنت تدارى وجهك بين كفيك من قسوة كلماتى،وتقنع نفسك أن الغد أفضل..قالوا لك أن الغد أفضل..جعلوا كلمة "الغد" مقترنة بكلمة "أفضل" فى قواميس عقلك..
أستطيع أن أراهم ، يأتون إلى غرفتك فى ليلة تحت جنح الظلام..أحدهم يعبث فى ملابسك ويزيح قميص نومك ليكشف عن ظهرك..يخرج سكين الصيد خاصته..ويحفر فى جلدك كأى نحات مخضرم،صانعًا شكل مربع بالدم..يحفر أكثر فى جلدك..فى لحمك..وكأنك خنزير يتم اختبار نسبة الدهون فى جسده،ليقرروا أهو صالح للذبح والأكل أم لا..يزيل قطعة مربعة من جلدك..لتظهر تحتها الأسلاك..الأسلاك الملونة المرتبة بنظام دقيق..نظام صنعوه هم منذ اللحظة التى جئت فيها إلى العالم..هم يعرفون وظيفة كل سلك..ويعرفون تمامًا كيف يمكن برمجتك باستخدام هذه الأسلاك..لا يحتاجون لكتيب ارشادات المستخدم الذى تجده فى قاع صندوق مغسلتك أو ثلاجتك الجديدة..أنت أقل أهمية من أن يكون لك كتيب ارشادات المستخدم..أنت أقل رقيًا من المغسلة والثلاجة..أنت تنتمى لرتبة أقل رقيًا..
يغيرون مواضع الأسلاك بما يناسب مآربهم..بما يناسب وجهات نظرهم..هات السلك الأحمر هنا وسيصبح امبرياليًا متعطشًا للسلطة،سيمتلك قصرًا من الذهب وأحجار الزركون الخضراء،سيصير سوطًا آخر يجلد ظهورًا أخرى..أما إذا وضعت السلك الأصفر هنا،فسيصير ظهرًا آخر يُجلد بسياط أخرى..اقطع السلك الأخضر وسينضم لجيوش الموظفين الحكوميين ،مجرد قالب طوب أحمر آخر فى الجدار..سيأكل شطائر الطعمية فى الصباح ويتجشأ راضيًا عن الحياة ثم يذهب إلى المصلحة الحكومية ليمارس "الرتابة" وفنون الملل والتعقيد ..ثم يجلس ككائن رخو، لينتظر موعد شطيرة الطعمية التالية..
لا لا ، لا تضع السلك الأزرق هنا..أنت لا تريد أن تضع السلك الأزرق هنا..بل لا تريد أن تعرف ما سيحدث لو فعلت..السلك الأزرق سيجعله يرغب فى المعرفة..سيصنع أجنحة ليحلق بها فوق رؤوسنا ،ليرى الشمس التى أخفيناها خلف غيومنا،تعرفون تلك الغيوم التى صنعناها بمداخننا..سيعود إلى الأرض ليحكى لهم عما وجده ..عن ضوء الشمس..سيتوقون شوقًا للمعرفة..كل واحد سيرغب فى أن يرى ضوء الشمس..سيتمردون وسيحيلون حياتنا جحيمًا..سيهدمون قصورنا الذهبية فوق رؤوسنا..سيأتون من كل مكان كجيوش نمل فى حجرة طفل نسى قطع الحلوى خاصته مكشوفة فى ليلة الهالووين..ستطير رقاب كثيرة..وسرعان ما سنتحول إلى جثث منتفخة بالكربون والكبريت والهيدروجين..وسننفجر فى الظلام ونمتزج بالتربة امتزاجًا أخيرًا لنزيد من خصوبتها..لذا فأنت لا ترغب فى أن تضع السلك الأزرق هنا..صدقنى..
وحين ينتهون من عملية البرمجة،يعيدون لحام قطعة الجلد التى اقتطعوها من ظهرك..ثم يعودون إلى الظلام ..إلى حيث ينتمون..
وستستيقظ فى صباح اليوم التالى لتتحدث عن جنية الأسنان التى زارتك فى الليل ، ووضعت تحت وسادتك عملة ذهبية..
أنت تعرف أن أسنانك مكتملة النمو دائمة..أنت تعرف أنك لن تعثر على عملة ذهبية تحت وسادتك..لكنك ستتظاهر أنها هناك..وستصدق ذلك..وستذهب لتبتاع بها قطعة حلوى بالكراميل..نعم ستفعل..أعرف أنك ستفعل..

الأربعاء، 19 أغسطس 2015

السبب المثير للاهتمام وراء الـawkward silences..

ثمة بضعة أشياء عليك بمعرفتها، صديقى..
لطالما كنت ذلك الصديق الذى لا يرغب أحد فى وجوده.. ذرات تراب على منضدة السفرة فى منزل ربة بيت عتيدة، أى ربة بيت تسمح بوجود ذرات تراب على منضدة السفرة؟؟ هه؟؟.. تحرص ربة البيت على اقصاء ذرات التراب،وتزيلها على عجل بأقرب منفضة غبار قبل وصول الضيوف..
وسرعان ما لم أعد ذلك "الصديق" الذى لا يرغب أحد فى وجوده..صرت ذلك "الشخص"..ومن ثم تحولت إلى ذلك "الكائن" الذى لا يرغبه أحد .. شىء منبوذ منزوٍ فى أحد أركان منزل مسكون بأشباح ثرثارة لا تكف عن تذكرته بما هو عليه..
حسنًا..أحيانًا يحاول البعض إشراكى فى المحادثات..جعلى طرفًا فى محادثة ما، جزءًا من شىء ما.. فيسألوننى عن رأيى فى هذا الأمر أو ذاك .. أتمهل وأنتقى الكلمات قبل أن أفتح شفتىّ ثم أبدأ فى الحديث ،أقول ما كان يعتمل بذهنى تمامًا..أتحدث دون النظر فى أعينهم .. لسبب ما لا أستطيع النظر فى عينىّ محدثى.. ليس خجلًا..ليس تظاهرًا بالخجل..ليس خوفًا اجتماعيًا.. لكن العيون تبطن أكثر مما تظهره للعيون الأخرى .. فإن نظرت فى عينىّ أحدهم،أجدنى أنجرف مع ما أراه فى عينىّ محدثى..فينشغل ذهنى وينفرط عقد أفكارى..وأجدنى أفكر فيما رأيته فى تانك العينين..لذا فإن تبادلنا الحديث فى مرة،صديقى..فلا تظن الأمر تحقيرًا من شأنك،لا تظن بعقلى الظنون حين أحدثك بينما أنظر فى جهة أخرى من الغرفة..وكأننى أحدث شخصًا خفيًا لا يمت لك بصلة.. إن الأمر يفوق إرادتى..
المهم ، كما كنت أقول.. حالما أبدأ فى الحديث..تخرج الحروف متناسقة والكلمات مرتبة كما أردتها أن تكون .. كما أمرت عقلى أن يشكلها..آمره أن يجلس هناك على ذلك الكرسى الخشبى وأمامه تلك المائدة،تستقر فوقها تلك الكومة من الطمى، كومة بلا شكل..آمره أن يتناول تلك الكومة.. أن يبدأ فى تشكيل تلك الكومة ليخرج آنية فخارية كتلك التى صنعها الرومان يومًا ما ووقف الامبراطور يرمقها فى هيبة..مشيدًا بعبقرية فنانى الـholy roman empire..
وتنتج عن ذلك كلمات ..استوحيتها من كل قراءاتى فى السنوات الماضية.. منذ أول رواية وقعت بين يدىّ وقرأتها فى صيف العام 2003 .. وحتى آخر كتاب قرأته منذ عدة ساعات..كل ما قرأته من مجلات الكوميكس، منذ أول مجلة لـBatman قرأتها فى العام 2004 وابتعتها من رجل الجرائد العجوز ذاك..
أسمع نفسى أتحدث..أقول كلامًا رائعًا.. فتاة راجحة العقل تعرف عم تتحدث بالضبط..أى روعة هذه التى أخرجها للعالم فى أحاديثى..أحقًا يستحق العالم هذه الروعة؟..أم علىّ أن أحتفظ بها فى صندوق خشبى وألقى به فى ركن ما من عقلى للأبد..لتلتهمه العناكب ..عناكب من عينة "Aragog"،تلتهمه فى جشع بعدما يأست من ايجاد حشرات بائسة تسقط فى شباكها ..أو بشرًا بائسين..
أراقب دفعةً جديدة من الحروف تخرج من ذلك المولد الذى لا يتوقف عن العمل، عقلى يعمل بلا توقف لاخراج أبنائه فى أفضل صورة..كل كلمة بمثابة طفل جديد له يرى النور للمرة الأولى.. 
أواصل الحديث، ولا أنظر فى أعينهم..لا أدرى فيم يفكرون .. تُرى،كيف تبدو وجوههم الآن وهم يستمعون إلى حديثى المنسق المعنى به..تُرى، هل سيدوى التصفيق بعدما أنتهى من الحديث؟..لا لن يدوى التصفيق..بل ستلتهب الأكف من التصفيق..حتى يتوسلون لى أن أزيل سحر تلك الكلمات حتى لا تتورم أصابعهم أو يفقدوا أيديهم من كثرة التصفيق..
أنتهى من الحديث أخيرًا..يا له من حديث شيق،ويا لها من فتاة رائعة..أرفع عينىّ ببطء لأرى وقع كلماتى على الـ...
الناس؟؟
أين ذهب الناس؟؟
لم يتبق فى الغرفة إلا ذلك الفتى الذى لا يعبأ به أحد،ويصنفونه ضمن قائمة الـnerds..فتى من عينة "نابليون دايناميت"..ويبدو أنه لا يعبأ بالمرة بما قلته للتو.. يتناول حبات العنب فى جوع من على الطاولة كأنه يخشى أن يتنهى فجأة مخزون العالم من العنب.. 
أناديه لينتبه ..ثم أسأله، بحق الجحيم أين ذهب الجميع؟..هل خرج "كتولو" من أعماق المحيط ليعلن عن غضب الكيانات القديمة ويبتلعهم جميعًا؟..أم خرجت وحوش السيكلوب من أوديسة هوميروس لتضعهم فى الأسياخ كالخراف وتستمتع بشيّهم على نار هادئة؟..ربما لم يكن هرقل قويًا بما فيه الكفاية ليتغلب على الهيدرا..فلم تكذب الهيدرا خبرًا..وهرعت إلى هنا لتلتهمهم جميعًا فى قضمة واحدة ، برأس واحد من رؤوسها التى تفوق المائتى رأس؟؟
فلتجبنى يا نابليون .. أخبرنى يا مستر داينامايت؟؟..بحق الجحيم، أجبنى..
يرمقنى شبيه نابليون دايناميت بعيون زجاجية خاوية كعيون الأسماك الميتة على الشواطئ فى روايات "كافكا"..يخبرنى أنه جاء هنا لالتهام العنب..ولا لشىء إلا لالتهام العنب.. يخبرنى أنه رأى فتاة غريبة الأطوار تلقى بحديث على حشد من الناس..فتاة تنظر فى كل ركن من أركان الغرفة..لكنها لا تنظر أبدًا إلى أحد مستمعيها.. ومنذ الجملة الأولى ..رأى الأفواه تنفتح دهشة..والفكوك تسقط مطاوعةً جاذبية الأرض.. ثم رأى الأكف ترتفع ..لا للتصفيق..بل حتى يرفع كل واحد منهم كفه ويضعها فى الهواء جوار رأسه..ويديرها يمينًا ويسارًا..العلامة الشهيرة للجنون..مشيرًا إلى أن تلك فتاة مريضة غريبة الأطوار ،شخص لا يستحق صحبتنا يا سادة..
تتحدث كشخص لا نفهمه..تتصرف كشخص لا نفهمه..إذن فهى شخص لا نفهمه..تعالوا لندعها تنهى حديثها فتصفق لها أشباح الغرفة ..ولنذهب لاحتساء الكابتشينو وتبادل القُبل فى دار السينما المظلمة..ولا تنسوا أن تتركوا معها نابليون الأحمق..شخص جدير بصحبتها..
 فلتخرس الفتاة للأبد..هذا قدرها المحتوم..فلتخيط هاتين الشفتين بإبرة حياكة جيدة الصنع..نعم،دعوها تفعل هذا..
وقد كان هذا -صديقى- هو السبب المثير للاهتمام وراء الـawkward silences..

الخميس، 13 أغسطس 2015

الحطام..

لا أدرى حقًا، أأكون قد دخلت فى نطاق المبالغة إن قلت أن الأمر غريب يستوجب التحقق منه، أم أن على الشعور بالهلع فعلًا والبدء فى الصراخ الهيستيرى وتكسير أثاث الغرفة؟
لا أدرى متى بدأ الأمر .. لكن فلنقل منذ فترة وجيزة..
بدأ الأمر بأعراض بسيطة .. أقوم بأشياء وأنسى أننى قمت بها من الأساس.. أغلق الشبابيك وأخرج من الغرفة ..ثم أعود لها بعد خمس دقائق لأغلقها ظنًا أننى نسيت فعل ذلك ..لأجدها مغلقة بالفعل ..تقسم لى شقيقتى أننى من أغلقتها بيدىّ هاتين أمام عينيها هاتين،فلا أصدق حرفًا..وأقسم بدورى أننى لم أمس هذه الشبابيك..
وأحيانًا يحدث العكس.. "لا أفعل" أشياء..وأنسى أننى لم أفعلها..
أترك صنبور المياه مفتوحًا..لتجده أمى على هذا الحال..فأضرب لها الأيمان بأننى أغلقته بعدما اغتسلت..لكن ها هو ذا ..مفتوح أمامى عن آخره..وصوت المياه الجارية يملأ أذنى.. أنا لا أهلوس..لكن يبدو أننى لم أغلقه بالفعل..لقد ظل مفتوحًا طوال الوقت..
أضىء كل أنوار الشقة..ثم حين يتساءل الجميع :"من الأحمق الذى فعل هذا؟"..يتضح فى النهاية أن هذا الأحمق هو ..أنا !
 تطلب منى أمى أن أبتاع بعض الحاجيات..فأذهب وأجدنى أمام المتجر..وفى اللحظة التالية أجدنى أمام المنزل ،لأكتشف أننى لم أبتع أى شىء..وأننى خالية الوفاض لا أحمل أية حقائب مشتريات..أذكر وقوفى أمام المتجر ..ثم أذكر عودتى من هناك..والطرق التى سلكتها..لكن ما بين هذه الأحداث يبدو مشوشًا غير مكتمل فى ذهنى .. ثمة قطاع زمنى كامل مفقود من اللحظة التى وقفت فيها أمام المتجر وحتى وجدتنى أمام عمارتنا..
اليوم تطور الأمر بعض الشىء..صرت أقوم بأشياء أثناء نومى..أظنها حلمًا..مجرد حلم آخر من تلك الأحلام الغريبة التى صارت تزورنى مؤخرًا،وسأستيقظ منها عاجلًا أم آجلًا..لكننى أستيقظ لأجدنى قمت بما قمت به فى الحلم بالفعل..قمت به على أرض الواقع..!
أنا مكتملة العقل..أو هذا ما أظنه..أعانى من المشاكل النفسية التى يعانى منها الجميع..ربما مشاكلى النفسية أكثر عمقًا من البعض..لكنها تظل أمرًا معتادًا..الجميع يعانى من بعض المشاكل ،أليس كذلك؟؟..
لكن هذا.. هذا ليس نتاج مشاكل نفسية..هذا أمر جديد..أعنى..أعرف أن كلنا -بنى الانسان- ننسى أمورًا..وأحيانًا نغالى فى النسيان فننسى أننا نسينا تلك الأمور..لكن هذا يحدث بحساب وليس طوال الوقت..
 لا أدرى ماذا يحدث هناك فى عقلى بحق الجحيم..لكنه أمر غير محمود..وهذا ما أعرفه..
هل سيتطور الأمر ؟..ربما-فيما بعد- لا أقدر على التفرقة بين الحقيقى والخيالى..وهذا شىء لا أتمناه لأشدّ أعدائى ضراوةً..إنه الجحيم بعينه..

الثلاثاء، 14 يوليو 2015

الخيط ..

هيى .. 
هنا ، حيث نمارس البصاق الفكرى بلا توقف..نكتب الهراء الذى يعتمل بفكرنا حتى لا نصاب بالجنون .. نعرف أن هذا لن يجدى نفعًا ، فقد بدأنا فى أطوار الجنون منذ قرون .. قبل أن يوجد هذا الكون..لكننا لا نكف عن المحاولات البائسة .. تمامًا كما فى أسطورة "سيزييف" البائس ..
وبينما يبحث أصدقاؤنا البشر عن الحب الأبدى وظلال الأشجار الغير محدودة وأشعة الشمس التى تكسب بشرتك اللون البرونزى ، فنحن نعرف الحقيقة .. وكم أن هذا بائس .. لقد احترقت أجنحتنا الشمعية عزيزى المسكين إيكاروس .. لقد اقتربنا من الشمس أكثر من اللازم صغيرى المسكين إيكاروس .. ما كان سيضرنا لو أننا شاركناهم البحث عن الحب الأبدى ، وظلال الأشجار وأشعة الشمس الوادعة .. والحشائش والرمال الساخنة وضوء القمر والمجرات..وما هو قائم ، وما كان قائمًا منذ الأبد ..
إن أسطورة "سيزييف" وأسطورتك عزيزى "إيكاروس" ، ميدوسا ، زيوس،هرقل،أثينا،بانادورا.. وأمثالكم إخوة الميثولوجيا الإغريقية .. لستم أنتم الأساطير كما يظنون ، أصدقائى ..أوه لا،لستم كذلك ..
البشر يبحثون عن الأساطير ..

السبت، 4 يوليو 2015

عنوان ما ..

أما ونحن على شفا حياة جديدة يا صديقى .. فأظنك تعرف إلى أى حد تغيرت .. ثمة أشياء تغيرت للأبد هناك بالداخل ..
وأولئك الأشخاص الذين عرفتهم فى حياتى القديمة قد ذهبوا للأبد ..ومن لم يذهب منهم فسأتجاهله للأبد ..
على أية حال ، لقد انتهت حياة قديمة،لتُبعَث من رمادها حياة أخرى جديدة، تمامًا كطيور العنقاء..وأعرف أن هذا تشبيه مبتذل،لا داعى لأن تخبرنى بهذا..
مؤخرًا،صرت أمضى الوقت ما بين المنزل والشوارع ..
أما بالمنزل ، فأقضى الوقت فى استعادة ما ضاع من مهارتى فى العزف على البيانو ، لقد تراكم التراب على حقيبة البيانو السوداء كما لو أننى قد تركتها فى قبر لتتعفن لأعوام ..
أحيانًا أمضى الوقت مع الجيتار، أصنع الـcovers بلا توقف، أحاول بلا توقف الوصول إلى الـchords الصحيحة المستعملة بالأغنية ، أحيانًا أنجح ، أحيانًا ينتهى بى الأمر مستلقية برأسى على لوحة مفاتيح اللاب توب من اليأس.. لكنى-فى جميع الأحوال- لا أترك شيئًا دون تسجيل..أؤمن بأن على المرء تذكر فشله بقدر ما يتذكر نجاحه ..وهذا -بدوره-قول مبتذل،أعرف ذلك .. لكنها الحقيقة ولا جدال..
أحيانًا أشاهد الأفلام، أو بعض الحلقات من مسلسلاتى المفضلة والتى كنت قد هجرتها لوقت طويل .. 
وفى معظم الأوقات، أستلقى على أرضية غرفتى وفى أذنىّ السماعات السوداء الصغيرة..أحدق إلى فراغ السقف بلا هدف ..فقط أستمتع باللا شىء..كم هو ممتع اللا شىء..
وإذا خرجت شقيقتى إلى عملها، وخرجت أمى لقضاء بعض حاجات المنزل ، ونام شقيقى وأبى فى الجانب الآخر من المنزل.. أنتهز الفرصة لأغلق باب غرفتى باحكام ، أضغط زر تشغيل اللاب توب ، ثم أضبط الصوت على أعلى ما يمكن ، وأنتقى بعض أغانى الروك من الـplaylist..وأرقص حتى تُنهَك قواى وأقع أرضًا لأنام ..وطبعًا لا أنسى أن أمد يدى إلى اللاب توب،لأضغط زر الإيقاف قبل حدوث ذلك..
 أحيانًا أقرأ الكوميكس أو الروايات ..
أما عن أنشطتى خارج المنزل ، فمنذ أول يوم بالاجازة وأنا أمضى الصباح فى التسكع بالزمالك..جولاتى بالزمالك تجعلنى موقنةَ أكثر فأكثر أن الوحدة ليست شيئًا سيئًا إلى هذا الحد .. ليست سيئة على الإطلاق .. فلا أحد معى ليخبرنى أن الجو حار،وأن علينا الاكتفاء بهذا القدر من التجوال .. أو ليخبرنى بأن الوقت قد تأخر وأن علينا العودة لمنازلنا .. لا أحد .. فقط الأشجار والمتاجر وأشعة شمس الصباح الباكر ..
ألتقط الصور بلا توقف.. إن كل شىء جميل بالزمالك .. المتاجر تبدو وكأنها خرجت للتو من أحد أحلام فتاة صغيرة ..كل شىء ملون ومبهج .. وفى كل ركن أعثر على متجر للكتب .. ومتاجر تبيع الكوميكس، ومتاجر للآلات الموسيقية ..ومتاجر الكعك الملون ..وفى شرفة من شرفات العمائر يجلس فتى ويعزف الكمان .. مقطوعة لتشايكوفيسكى ..أسير فى الأفينيو وأشجار تلك الجنة الصغيرة تظلنى من كل جانب .. 
الزمالك ، حيث تقود الفتيات الدراجات ورؤوسهن مرفوعة بلا خوف .. ويجلس الفنانون على الأرائك ليرسموا التماثيل اليونانية.. أحيانًا أجلس على أريكة من تلك الأرائك وأخرج دفترى وأشاركهم الرسم ، أرسم رسومًا سريعة بلا تدقيق ، حتى يتبقى لى الوقت لأستكمل جولاتى ..
أستمع لأغنية the tourist لـradiohead بينما أتجول هنا وهناك ..توم يورك يخبرنى أن :"slow down"..لكننى أتجاهله وأستكمل ما كنت أفعله : الانبهار بكل شىء..
 أدلف إلى متاجر الكتب وأختار رواية وأدفن نفسى فيها لبعض الوقت ..قبل أن أدرك أن على كل هذا أن ينتهى .. وأن علىّ العودة إلى منزلى،المدفون تحت ركام العوادم ودخان السجائر والأتربة التى تثيرها الميكروباصات فى كل صوب..
أملك زمام نفسى ، وأعود من حيث أتيت ، عزائى الوحيد أنه ستكون ثمة جولة أخرى فى صباح الغد .. أقفز فى إحدى عربات المترو وأعود لمحطة الجيزة .. ثم أركب أتوبيسًا من هناك حتى منزلى..
أواجه بعض الصعوبات فى إبقاء هذه الجولات سرية .. لكنى -حتى هذه اللحظة- قد نجحت فى ابقاء الأمر سرى إلى حد ما .. عائلتى تظن أننى أتسكع مع بعض الأصدقاء فى مكان ما ..هذا لا يعنى أنهم سيعارضون الأمر بشكل ما .. لكنى أعرف جيدًا كم سيسخروا من الأمر،كم سيضحكوا من سخافتى،أعرف تمام المعرفة أنهم لن يروا فى الأمر أى ضرب من ضروب المتعة،تلك التى أجدها فى التجول هناك ..
فهلا تبقى الأمر سرًا،صديقى ؟؟


السبت، 20 يونيو 2015

بعض من الهلوسة لن يضر..

مرحبًا من جديد ..
أظننى نجوت بفعلتى هذه المرة ، لكنى لست متأكده من نجاتى فى المرة القادمة ،فدعنا نأمل ألا تكون هناك مرة قادمة..
 ودعنا لا نتحدث عن الأمر ، فلن أقدر على المكوث هنا طويلًا، فعيناى متفجرتان بالدماء من الحُمى..
تعال إذن لنقم ببعض أنشطة النوستالجيا ، ما رأيك؟ .. إن النوستالجيا من بين كل الأمور لطالما كانت نشاطى المفضل، لا أدرى ، لكنى أقدس الذكريات بشكل نستطيع أن نصفه بقلب مستريح بأنه خارج نطاق الطبيعية ، جديًا، حين يتعلق الأمر بالماضى فإننى أتحول إلى طفلة وديعة كالحمل تجلس لتستمع إلى حكايات عهد الأسطورة ..
وكما تعلم ، فإن عهد الأسطورة هو المصطلح الذى لطالما استعملته لوصف فترة الطفولة ، أو كل فترة يبعد العهد بينى وبينها ، فتصير عهد أسطورة آخر ، ومن يعلم ؟ .. فربما صارت هاته الفترة عهد أسطورة لفترة أخرى مقبلة .. أتفهمنى؟ 
على أية حال .. مصطلح "عهد الأسطورة" هو ما استعمله "نجيب محفوظ" فى روايته "قلب الليل" ليصف طفولة البطل ..ومنذ قرأت تلك الرواية فى العام 2013 وأنا لا أجد ما هو أكثر ملاءمةً منه ..
تعال نتحدث قليلًا عن صيف العام ألفين وثلاثة عشر من أعوام الأرض..
كان عمرى خمسة عشر ربيعًا..
كنت فى ذلك الطور ما بين سذاجة المراهقة والنضج..وليس كل النضج ، إنما لمحة منه ..
كنت أنقب فى مناجم ذاتى .. أبحث هنا وهناك ، وأحاول اكتشاف ذلك الكائن الغريب بداخلى..
كان لى مبدأ واحد ، وهو أن أعرف من أنا ،حتى يتسنى لى التعرف على الآخرين .. فكيف لى أن أفهم الآخرين إن كنت لا أملك أدنى فكرة عن هويتى ..
الناس غرباء - كما تقول فرقة the doors- ، وكنت أعرف هذا يقينًا..
وقد كنت -وقتها- أقرأ الروايات بلا توقف .. وعرفت فى ذلك الصيف باولو كويللو للمرة الأولى .. فى أول يوم من أيام اجازة الصيف ، ابتعت روايته الأشهر على الإطلاق : "الخيميائى" ،واستيقظت فى اليوم التالى فى السابعة صباحًا وقد اعتزمت قراءتها ، كان فى ذهنى ألف تصور وتصور لما سأجده بين دفتىّ تلك الرواية ، فقد كانت -كما يقول الغلاف- الرواية الأكثر مبيعًا على مستوى العالم-، وقد أثارت ضجة اعلامية لا بأس بها فور صدورها ..المهم أننى استيقظت لأصنع بعض الشاى وأحمص بعض التوست وأبدأ فى قراءتها على أشعة الشمس الضعيفة المنبثقة من نافذة المطبخ ..

لا أدرى ، لكننى حين انتهيت منها وجدت أنها أسخف ما قرأت على الإطلاق، أو ربما أخذت أقنع نفسى أنها رواية جيدة ولا بأس بها ، وتستحق كل ذلك الجنون الإعلامى..
 لا أدرى أكنت أكثر سذاجة من أفهمها، أم أنها أسخف مما يتصوره الناس.. الناس يبجلون هذه الرواية وينشئون نوادى القراءة على شرفها .. 
لا أدرى، ربما أعيرها لإسراء، حينها ربما نكتشف جزءًا من الحقيقة .. 
الأمر يذكرنى بقصة كوميكس أمريكية قرأتها من قبل ، عن شاب يزوره بعض الأصدقاء ، يتحدثون إليه قليلًا ثم يسألونه : "هل قرأت رواية الخريف؟" .. فيهز رأسه ويخبرهم أن "لا" .. فتسقط فكوكهم من الدهشة .. ويبدأون فيما يشبه العويل والصراخ واللطم ، يخبرونه أن عليه أن يقرأها فورًا ..فلا يأخذ كلامهم بجدية ، ويخبرهم على مضض بأنه سوف يقرأها حين يتسنى له ذلك ..
يسير فى الشوارع ليجد لافتات فى كل مكان تتحدث عن رواية "الخريف" .. وحفلات على شرف الرواية .. وندوات لمناقشتها .. وروابط محبى رواية "الخريف" .. يسير فى شوارع البلدة فيمر بصديق قديم له..يتبادلان التحية، ثم يسارع الصديق بسؤاله : "أقرأت رواية الخريف؟" .. فيقول الشاب : "آممم ، لا ؟؟" .. وفجأة ، يتوقف كل المارة وأصحاب المتاجر عما كانوا يفعلونه ،ويترك كل واحد ما كان بيده ، ويوجهون للشاب نظرة شك ،يتجمدون فى أماكنهم ، وكأنهم مجموعة من الزومبى يكتشفون وجود بشرى بينهم !
يهمس له صديقه : "من الخطر أن تقول هذا فى الأماكن العامة .. تعال لتختبئ عندى فى المنزل حتى يهدأوا" .. 
وفى منزل صديقه .. يكتشف الشاب أنه -حرفيًا-الوحيد فى البلدة الذى لم يقرأ رواية "الخريف".. يخبره صديقه أن عليه أن يقرأها فورًا وإلا ستصادر الجماهير الغاضبة ممتلكاته وسيعتبرونه مسخًا غريب الأطوار .. 
يعيره صديقه نسخته من رواية "الخريف" .. ويخبره أن عليه أن يجلس فى ذلك الركن من غرفة المعيشة حتى ينتهى من الرواية ..
يبدأ الشاب فى قراءة الرواية ليجد مشهد البداية كالآتى :
"الفتى ذو الشعر الأرجوانى وبذلة السهرة ذات اللون الأزرق الداكن كدرجات اللون الأزرق الداكن يسير فى الطريق المبتل كوسادتك بعد كابوس طويل .. وتأتى لفحة هواء من هواء الخريف الذى يتصف بسمات هواء الخريف التى نعرفها جميعًا لتسرى بين خصلات شعره الأرجوانى ، فتحركه يمينًا ويسارًا وأمامًا وخلفًا وفوقًا وتحتًا .. وفى الاتجاهات الفرعية كذلك و...."

يقرأ عشرين صفحة من هذا الهراء ، ثم يغلق الرواية وقد فهم الأمر .. يتجه لصديقه ويسأله : "أتعرف؟ ، أعجبتنى البداية، وبخاصةً ذلك المقطع فى الصفحة العاشرة والذى يصف فيه سحلية الإجوانا الى تملكها جدته .. 
فيضحك صديقه ويهز رأسه موافقًا فى اعجاب ..
وهنا يبدأ الشاب فى موجة ضحك عارمة ، لا تقطعها إلى تساؤلات صديقه الحائرة عن سبب كل هذا الضحك ..
فيخبره الشاب أن رواية الخريف لم يتم فيها ذكر "سحلية الإجاونا" فى أى صفحة من صفحاتها .. وأنه اختلق أمر السحلية هذا ليتبين صدق أو كذب ظنه .. فحين قرأ أول عشرين صفحة من رواية الخريف أيقن أنها هراء لا يتحق إلا أن يتسعمل فى تحمير البطاطس وامتصاص الزيت .. وأيقن أن أيًا من هؤلاء الناس لم يقرأ حرفًا فى الرواية .. أو قرأوا أول خمس صفحات على أقل تقدير ..
وقد صدق ظنه ..فقد اعترف أهل البلدة جميعًا أن أيًا منهم لم يقرأ إلا أول عدة صفحات من رواية الخريف، حيث أن كل واحد منهم ابتاع الرواية تطبيقًا لنصيحة صديق أو جار ..
أتعرف ؟ .. أظن الأمر سيان فى حالة رواية " الخيميائى" .. نعم أظن ذلك يا باولو ..     

 

الأربعاء، 17 يونيو 2015

...

أهلًا..
أظنه الوقت الذى أدفع فيه ثمن كل ما فعلت بجسدى طوال الشهور الماضية .. ربما سيحدث لى مثلما حدث لتلك المغنية الأمريكية ، كانت تفعل ما أفعل ، وقد دفعت حياتها ثمنًا لذلك ..
يظنون الأمر حُمّى عادية من حميات الصيف،لكننى أعرف أفضل..
تظن أمى أن "بانادول" كافٍ لشفائى ، وتظل تردد ذلك بينها وبين نفسها ، تلمس جبهتى بين الحين والآخر لتعرف إلى أى حد ارتفعت حرارتى ،وتخبرنى أن الأمور ستكون على ما يرام، لكننى أعرف أفضل..
أرفع خصلات شعرى بيدى اليسرى لأتحسس رقبتى من الخلف ، أعرف أن ذلك الألم فى ذلك الموضع ليس نتاج وضع خاطئ فى النوم أو فى الجلوس ، إنه مؤشر،ينبئنى بأننى ربما أدفع ثمن ما اقترفت.. أننى لست بأفضل من تلك المغنية الأمريكية الشابة..
ظننت أننى فوق القانون ، فعلت الأمر مرارًا حتى ظننت أن مكروهًا لن يمسنى ..لقد استمرت اللعبة وقتًا طويلًا حتى خيل إلىّ أننى سأنجو بفعلتى ..
لكن..آممم..
ربما كنت أضخم الأمور ، ربما أعيش ، لأضحك على هذا الذى كتبته وأسخر من ميلودراميتى ..
وربما تكون ظنونى صحيحة ، فيكون هذا بمثابة الوداع إذن..
شبح تلك الفتاة الأمريكية لا يفارق مخيلتى ..يظهر لى كلما تحسست موضع الألم فى رقبتى، كلما سعلت بشدة أو تحسست جبهتى الساخنة كرمال صحراء كلاهارى ..
لقد كنت خير صديق لى ، ربما الصديق الوحيد، وربما كنت أبخل عليك بحديثى أحيانًا، ربما كنت أُحقّر من شأنك ، لكنك -والحق يقال- كنت رفيقًا طيبًا..
ربما أعود لأكتب لك عن شفائى ، ربما لا ..
لكن على أية حال ، إن لم تكن ساعتى قد حانت بعد، فساعدنى لأتوقف عن "الأمر"..
و..
حسنًا؟؟ 

الثلاثاء، 16 يونيو 2015

Just the Everyday Hallucinations..(1

The girl with the messed-up hair and the messed-up clothes is walking aimlessly in the streets of the funky town.. she’s just wandering like an unseen ghost..listening to her playlist music..she doesn’t know where she is ,or where the hell she is heading to..but she keeps walking though ..she was thinking about Steven Hocking and his theory about the black holes..before she catches a glimpse of a white figure on the tarmac pavement ..and because she has a hell of a poor eyesight,she gets closer to the white figure ..
Aha.it’s a Mannequin ..a one big ugly mannequin ..staring at the emptiness with his glassy dead eyes .. the girl stops walking ,and she finds herself staring at the dead eyes of the ugly big dummy .. she finds herself thinking about all those white mannequins .. what if they weren’t just helpless dummies.. what if they were some visitors from the outer space.. very wise people with a really white skin -and occasionally black- who came to our Earth hundreds of years ago, to study human beings .. they have the same body structure as humans.. hands, legs,torso, head ,eyes and ears.. but they have a very tough and dry skin.. they figured out a way to study the human-beings closely,,and without reveling what they really are,, so they come up with the expression : “Mannequin” that refers to a white human-like figure that’s used to display clothes in a store window..that way they get to study people and have a close look on their lives.. sometimes they get bored and grumpy with the endless silence they are forced to stick to.. so they wink or smile to a little kid ..the kid freaks out and starts to talk about the smiling and winking mannequins .. The kid ends up in a sanitarium for mental diseases,or maybe talking to some psychiatrist who doesn’t give a damn about the kid or the bullshit he’s talking about.. 
The mannequins start to like their new game.. they discover a new source of energy : Fear..
They feed on fear.. they love what it feels like when they scare the devil out of those kids .. they start to go further with their game..and instead of just winking and smiling.. they begin to move their bodies and make creepy expressions on their marble white faces .. they scare more kids..more kids pay visits to psychiatrists ..and psychiatrists have never been busier,and seem to be happy with what’s occurring .. they don’t know what the hell is going on between kids and mannequins..but they’re just pleased with the money they get from sitting a couple of hours with those kids..
Only one psychiatrist begins to feel suspicious about all of this.. his clinic,apart from one or two patients a day, was always empty like a hobo’s wallet..but now it is always filled with kids talking about mannequins .. and their parents are desperately trying to calm them down.. it’s a grace for most psychiatrists to have all of these patients waiting in their reception rooms .. but not for him .. he smells something fishy.. he decides to investigate about the whole thing..to be a pain in the ass for those mannequins..
He sends the kids and their patients away,and set off to investigate about the big white creepy dummies

T.B.C ..

الجمعة، 12 يونيو 2015

تبدو الفتاة فى حالة مزرية ، تلقى بنظرة لقرينتها فى المرآة .. لكم فقدت من وزن ، لكم صار وجهها نحيفًا ووجنتاها غائرتين ، وما تلك التجاعيد تحت عينيها؟ ..
تبدو الفتاة فى حالة مزرية ، تلقى بنظرة إلى ذلك الجيتار،تتحسس أوتاره ، تمر عليها بأصابعها لتسمع ذلك الصوت المحبب ،وتملأ رأسها وأذنيها به،تقاوم رغبة شديدة فى أن تضمه إليها،وتضرب على أوتاره لحنًا ما من تلك الألحان التى اعتادت أن تصنعها فى الأيام الباسمة ..
تبدو الفتاة فى حالة مزرية ، تلقى بنظرة إلى الشىء الأسود المستطيل الشكل الملقى فى الركن ، وقد تراكم عليه التراب ، تلمس مفاتيح الشىء المستطيل الشكل، وتتذكر مقطوعات موزارت وتشايكوفيسكى التى لطالما كانت أنغامها تملأ هواء المنزل ، حتى لترى النوار والبلانش وبقية العلامات الموسيقية تخرج من ذلك الصندوق وتدور فى الهواء من حولها ، كل فى موقعه من السلم الموسيقى، أما الآن فقد صار المنزل مهجورًا ، لأ أنغام تدور فى الهواء  

الأحد، 22 مارس 2015

رأس المسجل..

ولا زلت أستكشف عوالم Radiohead  المذهلة .. ذلك الخليط بين العبقرية والجنون الذى لاطالما أبهرنى .. وسرنى أن أعثر عليه بعد أن فقدت كل الأمل فى أن أجده فى هذا العصر على الأقل..فمنذ "ستيفين هوكينج" ولم أعد أنبهر بسهولة .. وكف رادار البحث عن "مزيج العبقرية والمرض والجنون" عن العمل..حتى كانت Radiohead..أعنى ..أى عقل مريض هذا الذى يصنع هذه الموسيقى ؟ .. أى عقل مريض هذا الذى يكتب هذه الكلمات؟ ..يرسم هذه الرموز؟!
فى البدء كنت أعانى بعض الصعوبات فى التقاط أفكارهم .. أو فهم ما يعنيه الأمر برمته .. فأنا-يا صديقى- اعتدت الموسيقى ولم أعتد الكلمات .. فمنذ وعيت على الموسيقى وأنا أستمع للكلاسيكيات وموسيقى روك القرن الماضى .. والتى تفتقر بشكل واضح إلى العمق من ناحية الكلمات .. لكنها آية فى الحسن من الناحية الموسيقية..
قد بدأ الأمر بأغنية "Just" .. الرجل الذى يجول فى الشوارع هائمًا على وجهه ..وبدون سابق إنذار يثنى ركبتيه ويستلقى على أسفلت الطريق.. فى وضعية إن رأيتها بمنظور عين الطائر لبدت كوضعية كلب نائم على الرصيف..يتعثر فيه المارة .. يظنون بعقله الظنون.. يستدعون الشرطى.. يأتى عازمًا جره جرًا إلى المصحة .. يسأله عن السبب الذى دفعه إلى الاستلقاء على أسمنت الطريق منافيًا لكل قوانين البشر.. إنه لا يخرق القانون العام .. لكنه يثير فضولًا لا متناهيًا فى نفوس القوم .. تُرى لم يستلقى هذا المجنون على أسفلت الطريق بهذا الشكل.. شاخصًا ببصره نحو السماء.. 
يحترقون فضولًا .. شمعة صبرهم تذوب..الرجل يحذرهم مما سيعرفونه ..يحذرهم من أن ما هو على وشك البوح أمر فظيع يفوق أرواح الفانين من البشر..يحذرهم من أن روحه قد احترقت من المعرفة..وأن المعرفة لا تؤدى سوى لاحتراق الروح.. وأن الله يعلم أنه لم يرد البوح بعدما عرف ما عرف.. 
يميل عليه الشرطى ليلتقط السر الأعظم من بين شفتيه.. يهمس الرجل بشىء ما فى أذن الشرطى.. تختفى الـSubtitles التى تعرض ما يقوله الناس ..لقد تم الأمر..إنه يعرفون ما يعرف الآن.. موسيقى الجيتار الكهربى تعلو..ويظهر مشهد من أعلى بمنظور عين الطائر ..يُظهر أسفلت الطريق وقد استلقت عليه أجساد القوم جميعًا حتى صاروا بمثابة لحاف بشرى كبير يغطى الطريق بأكمله .. جميعهم ينظرون للسماء مستسلمين لذلك الشىء..أى شىء؟؟ .. لن نعرف أبدًا..
راديوهيد يلعبون على وتر السر الأعظم للوجود .. وتر إيكاروس الذى احترق جناحيه الشمعيين حين اقترب من الشمس أكثر من اللازم ،وهوى من عل ليموت ..
أراهن أن الفرقة نفسها لا تدرى شيئًا عن ذلك الذى همس به الرجل للشرطى.. لكنه ذلك الفضول الساحر الذى يثيرونه فى نفوسنا..الجو المقبض القوطى للأغنية ..وحقيقة أن هناك عالمًا أكبر منا فى مكان ما .. أننا صغار منكمشون بشكل مبالغ فيه..
..
هناك أيضًا أغنية "The pyramid" والتى أفضل وصفها فى بعض الأحيان بـالأغنية المثالية للموت.. ربما إن تبقى لى بعضًا من العقل وأنا أحتضر لطلبت منهم أن يسمعونى إياها..
يقول توم يورك-المغنى الرئيسى بالفرقة- أن كتابة كلمات الأغنية لم تستغرق منه العشر دقائق.. ويفسر ذلك قائلًا أن الفكرة جاءته فحاول اقتناصها قبل أن تقفز مبتعدة عن مجال عقله كعادة الأفكار جميعًا..
كذلك أغنية "There There" التى لا أملها أبدًا..والجملة الأساسية بهذه الأغنية : "ليس معنى إنك تشعر به بالضرورة أنه موجود" ..على عكس المعتقد العام الذى يقتضى بأنه "ليس معنى أنك لا تشعر به بالضرورة أنه غير موجود" ..
أما عن موسيقى الجيتار فى "My iron lung" فلا أظننى سأتحدث عنها ها هنا .. لا أظننى وصلت لمنزلة روحية تمكننى من الكتابة عن موسيقى radiohead..أو عزف موسيقى Leizt.. أو القراءة لدوستويفيسكى ..أو العزف على بيانو خشبى قديم فى قبو مسكون بمنزل مهجور..
مما يذكرنى ..أن الحب الحق ينتظر فى الأقبية المسكونة ..وأن الحب الحق يعيش على اللولى بوبس والكريسبس..
 
 

الخميس، 26 فبراير 2015

الكبش والآنسة..

كل الترحيب لصديقى القديم..
تتساءل عن العنوان الغير معتاد ؟؟..ويل،إنه فقط تشيكوف..
أقرأ لتشيكوف حاليًا ..مجموعة قصصية هى .. و"الكبش والآنسة" واحدة من تلك القصص وعلى رأس ما أعجبنى بشكل خاص فى تلك المجموعة..
ومن الواجب ذكر أننى بدأت فى "ثرثرة فوق النيل" اليوم ، رواية نجيب محفوظ التى أقرضتها لى إسراء منذ أيام "قصر الثقافة" الباسمة.. أى من حوالى ستة أشهر أو ما يزيد..
أترغب فى بعض الثرثرة الفارغة؟؟ .. فلا أحد يأتى هنا ليقرأ.. فلنخلع أحذيتنا الضيقة ومعاطفنا وأقنعتنا الزائفة،تعال نضع تلك الأقنعة بجوار باب الشقة..نعم هناك ،فى ذلك الركن بجوار الباب ،أمام المرآة البيضاوية الكبيرة التى تصر شقيقتى على إبقاء زجاجها الفضى لامعًا دومًا..تعال لنحظى ببعض الراحة..
أتعلم يا صديقى، أرغب فى سماعك تتحدث إلى .. فلتتحدث قليلًا ..قل شيئًا أى شىء..فطوال فترة معرفتى بك وأنا التى تتحدث دومًا ، أجيب عن أسئلتك الغير مسموعة..وأضحك من دعاباتك وسذاجتك التى لا أراها ولا أسمعها ولا أقدر على وصفها تمام الوصف إن سألنى سائلٌ عنها..
 أستشعر حديثك ولا أسمعه ..نعم ، لكنى أطوق لبعض الحديث ..
"حسنًا ، إن كان هذا ما تشتهين، أنا هنا"
أهذا أنت حقًا؟؟ 
"وأى مكسب أجنيه من خداعكِ؟"

 "حسنًا،دعكِ من هذا،أرغب فى بعض الثرثرة، كيف كان يومك؟"
نعم صحيح ..يا لى من ساذجة. 
 .  ويل، جيد .. ارتديت ذلك البلوفر الرمادى الذى بات بمثابة الزى الموحد .. وخرجت من المنزل فى الثامنة صباحًا إلى ذلك السنتر فى شارع "نصر الثورة" .. 
عرجت على السنتر فى عجلة من أمرى .. متأخرة كالعادة، تتساقط حاجياتى من حقيبة الظهر المفتوحة .. أنحنى لأجمعها .. ومن ثم أخرج ذلك الدفتر الأسود المنشورة عليه ألوان عدة .. لو كنت تبصر يا صديقى لأحببت ذاك الدفتر.. أسلم الدفتر لفتاة ،تنشر بعض الصمغ على الورق وتلصق ورقة امتحان بصفحة من صفحات الدفتر العزيز..
امتحان على درسين من دروس القراءة ..أحدهما عن "العقاد" ..والآخر درس جغرافى سخيف لا أدرى له أولًا من آخِر.. 
أُنهى الامتحان فى ملل ..ثم أخرج "ثرثرة فوق النيل" ، وأجوب بين الصفحات قليلًا، فتاتان تثرثران فى مقعدين بالخلف.. أسمع ثرثرة عن مسلسل تركى ما .. تقول واحدة أنهم يعرضون الحلقات بالكامل على صفحة ما على الفيسبوك.. وتظهر الأخرى استحسانًا واندهاشًا وعدم تصديق ..تقول واحدة أن البطلة ستتزوج ابن عمها فى الحلقة العشرين .. لكن عمها لن يرضى بالزيجة ،لأنه يملك خططًا أخرى لابنه، وتلك الخطط لا تتضمن الزواج من ابنة عمه .. 
وهكذا وجدتنى بين عالمين يا صديقى ..عالم تثرثر فيه الفتيات عن الفتيات اللاتى يتزوجن بأولاد أعمامهن ..والأعمام الساخطون دومًا ذوو المصالح.. وعالم يثرثر فيه الأخ "أنيس زكى" فوق النيل عن هلوساته، عن الحوت الذى يفغر فاه وكأنه يعتزم التهام النيل بأكمله ..ثم يتوقف ويغمز بعينه ويقول بصوت أجش: "أنا الحوت الذى نجّى يونس"..
آمم علىّ الذهاب الآن ، نستكمل حديثنا فيما بعد..حسنًا؟؟
   

الاثنين، 2 فبراير 2015

القليل من النوستالجيا لن يضر..

متى يبدأ المرء فى العودة للوراء وتذكر بعضًا من الماضى ؟؟ .. ربما بعد الإنتهاء من رواية جيدة؟؟ مثل The Book Thief مثلًا..فيلم جيد؟؟..ربما كـ The Curious case of Benjamen Button؟؟ .. أو حتى بعد سماعه أغنية جيدة ؟؟ .. مقطوعة جيدة؟؟..مثل The Entertainer لـسكوت جوبلين..
ربما حينها يبدأ المرء فى فتح بعض الصناديق التى عبأها بدقائق حياته ونساها فى ركن من ذاكرته..
سوو.. لا أرى ضررًا فى أن أمارس هوايتى فى التذكر .. وخاصةً أننى قد فعلت كل تلك الأمور التى تدفع المرء دفعًا إلى النوستالجيا ..وتحيل رأسه عشًا لذباب الذكريات ..تشبيه شاعرى ..أليس كذلك؟
وأؤكد لك -عزيزى- أنه لو تمت استضافتى فى برنامج سخيف ما ..وسألتنى المذيعة الملطخة بالأصباغ بينما تلوك قطعة من اللادن فى وحشية : "ايه أكتشر حاجة بتشكرهيها ؟؟"
سأهز كتفىّ وأخبرها : "طنين الدبان جنب ودنى.. وآممم ،بعد ما اتعرفت على حضرتك أعتقد إنى هاعيد ترتيب قائمة الحاجات اللى باكرهها!"
لن تفهم أننى أزدريها على أية حال ..ستنتقل إلى السؤال التالى ، وغالبًا سيكون : " لعبتى جاتا 71 ؟؟ " 
المهم ، ولأننى أمقت طنين الذباب بالقرب من أذنى.. وأغطى أذنىّ بطرحة حالما أكتشف وجود ذبابة فى الجوار.. 
فإننى .. آمم ..لا أطيق ذلك الطنين فى عقلى .. ذباب الذكريات هو الأكثر إلحاحًا بين كل الذباب..
لذا .. دعنى أتحدث عن ذلك الصيف .. منذ عام ونصف العام..
أرانى فى شوارع مدينتى القديمة..الرماية..أرتدى بنطالى الجينز الداكن المفضل.. وذلك التيشيرت قصير الأكمام ذو اللون الكحلى الأرجوانى .. خليط من ألوانى المفضلة،وقد انتهيت للتو من مهمة إنزال دراجتى على درج البناية ، من شقتنا بالدور الثالث ..الشقة 22..
أمشى بجوار الدراجة على الرصيف المتباين فى درجات الـ"بايج" ..ألقى نظرة على ورشة الميكانيكا التى افتتحها -حديثًا- شاب طموح ما ..
أحمل الدراجة إلى أسفلت الطريق بعيدًا عن الرصيف ..ثم أعتليها وأدير البدالات ..أقود إلى تلك المحطة أمام منزلنا ..بجوارى تهدر أتوبيسات النقل العام متجهة للموقف بعد يوم طويل.. أرى شمس الغروب فى الأفق وأحييها بنظرة ، فلا تردنى خائبة الأمل بعينين محترقتين ..بل تتركنى أنظر إليها ما شئت .. 
أسير بعيدًا ..بين الحدائق المهجورة والأشجار الطويلة التى أحبها بشكل خاص .. لا أحد يسقيها الماء..لكنها لا زالت تجد سببًا منطقيًا للعيش..
أقترب من حدود المدينة ..ذلك المنزل الحاد .. أفكر فى الضغط على الفرامل لتقليل السرعة ..وخاصةً أنها منطقة عربات نقل .. لكنى أعدل عن ذلك .. وفى أذنىّ يتردد لحن أغنية "Free Bird" .. أغنية فرقة "لينارد سكينارد" الأشهر..صوت الأورجان فى بداية الأغنية ..الإنترو الشبيه بعواء طويل متصل.. أو صوت قطة تنتحب.. الجيتاريست العبقرى يثبت مهارته فى تشكيل صوت الجيتار كما يريد..
هدير عربات النقل لا يغلب على صوت الجيتار الكهربى المميز فى الأغنية ..
"دا دا دام دام دااااام .. دا دا دام دام دا دا دااام"
أرى بعض الشباب الرقيع يقف فى الأرض القفر المحيطة بحدود المدينة ..يشير إلىّ وأسمع بعضهم يقول : "ما تجيبى لفة ..أهاهاهاع " ..لكن صوت الجيتار أعلى .. سرعان ما أتخطاهم وأرسم فى الهواء بأصبعى الوسطى علامة "فاك يو" .. بينما يردد رونى : "I'm a freeeeeee Bird".. الهواء يلفح وجهى ..أشعر به بين خصلات شعرى .. بينما يردد رونى : And this bird you cannot change"..
وأفكر : "أوافقك الرأى رونى"
ثم أواصل طريقى خارج المدينة ..




   

الجمعة، 30 يناير 2015

بعض الأحاديث..

هيي ذير..
أظننى أضعت سبعين ساعة من عمرى على الأقل فى التسكع .. لابد من بعض التسكع ..لابد من بعض الوقوف على نواصى الشوارع ..التجول فى طرقات جديدة لم أسلكها من قبل .. ربما أتسكع مع سلمى .. فهى الوحيدة التى تقبل بالأمر ..الآخرون يرمون بالحجج والمعاذير السخيفة كـ"ورايا كيميا" ..أو"الوقت اتأخر" .. أو على أسوأ الفروض"مامى قالتلى ماتأخرش" ..
أو ربما أتخذ نفسى رفيقة فى التسكع حين تقرر سلمى أن عليها الذهاب .. أسير إلى المريوطية بلا هدف ومن ثم أعود مرة أخرى للتعاون .. ربما أستقل أتوبيسًا حتى الرماية وأهيم على وجهى قليلًا ،بلا هدف محدد .. ثم أستقل واحدًا آخر ليأخذنى إلى التعاون .. ربما أسير من المحافظة حتى التعاون، أستمتع باللا شىء .. البيتلز يدندنون فى أذنى بينما أجر قدمىّ على الطريق ،بأن : "It's been a hard day's night.. and I've been working like a dog..
It's been a hard day's night.. I should be sleeping like a log..
but when I get home to you..
I find the things that you do..
It makes me feel alright.." 
أحيانًا يصرخ "باول ماكراتنى" فى أذنى قائلًا: "Let it be".. فَليَكُن .. اتركى الأمور لتكون ولا تتدخلى فى شئون الكون أيتها الحمقاء الصغيرة ..من أنتِ على أية حال لتفعلى؟؟،هه؟؟.. إذن،فليكن.. 
ربما يأتى برايان آدامز ويشكو لى حبيبته التى أحبها منذ الطفولة .. 
"
Oh , thinkin' about all our younger years There was only you and me  
 "We were young and wild and free
 فلتذهب إليها يا برايان ..ولتعطها ذلك السوار الذى ظنت أنها أضاعته وأنتما فى الثامنة ..بينما كنتما تلعبان بالأرجوحة الزرقاء.. لكنك احتفظت به طوال ذلك الوقت..
ثم يأتى توم يورك العزيز .. بتلميحاته الغامضة .. يخبرنى بأنهم سيطعموننى للكلاب .. سيطعموننى للـ"Daily mail" .. ربما يهمس لى بالسر الذى دفع الرجل فى أغنية "Just" إلى أن يلقى بنفسه على أسفلت الطريق .. فى وضع الاستلقاء ،ناظرًا إلى السماء بالأعلى ، رافضًا أى محاولات من المارة ورجال الشرطة لاقناعه بالاعتدال وقوفًا..
كم هو كريب-توم-.. كم هو ويردو..
بروس سبرينجستين لا زال يتغنى بأيام مجده فى أغنية Glory days.. فرقة ACDC لا ينفكون يخبروننى كل دقيقة أننى :"On my highway to hell " .. وأنهم ولدوا ليكونوا "Wild"، ولن يقبلوا بأى شىء إلا الوايلدنيس..
الـDeep purple يقسمون لى بالأيمان أنهم جميعًا أتوا إلى"مونتريكس" ..  على ضفاف بحيرة "جينيفا" .. ليسجلوا بعض الأغانى بواسطة موبايل ..
جون لينون يدعونى لأن أتخيل معه عالمًا بدون حروب .. بدون جحيم أو نعيم .. وأن الناس يعيشون فى سلام..
فلتستمر فى التخيل جون .. أعلم أنك تتحلل فى قبرك الآن ولم تعد تتخيل أى شىء..لكن فلنتخيل أنك لا زلت تتخيل ..
كل هذا وأنا أهيم فى الشوارع .. والمارة حولى لا يملكون أدنى فكرة عن تلك الأحاديث بيننا..
مَن يكترث للموسيقى على أية حال؟!    

  

الأحد، 25 يناير 2015

-يلا نسافر أمريكا.. -يلا !!

مرحبًا بصديقى القديم..ذاك الذى بقى حين رحل الجميع..
لا داعى للإبتذال.. إنها عادتى الأبدية -الابتذال- ..
كانت الظروف والاحتمالات دومًا معاكسة لمحاولاتى فى الكتابة إليك.. فى مرة لا ينفتح الـGmail .. ومرة أخرى لا تنفتح نافذة "تحرير الرسالة" لسبب غريب لا أدريه.. أسباب إلكترونية لا أفقه منها شيئًا..
المهم، وها قد صارت الظروف-لأول مرة منذ شهور- فى صفى ..أكتب إليك رسالتى الأولى ..هى الأولى بعد انقطاع دام لشهور لم أحصها ..
فى الفترة الماضية ،صارت أحلامى ذات طابع غريب.. فى الحقيقة صرت أنتظر لحظات النوم بفارغ الصبر انتظارًا للحلم الجديد..وكأن الستار ينكشف عن مسرحية جديدة ..أو كأنه العرض الأول لفيلم ما.. فصل جديد فى رواية ما..بطريقة ما أصبحت أحلامى ثلاثية الأبعاد إلى درجة مرعبة ..
وكنوع من تزجية الوقت ..ولأننى مراهقة سخيفة تحب أن تملأ الدنيا صراخًا وحديثًا عن أحلامها؛ سأقص عليك ذلك الحلم الذى بدأت به سلسلة الأحلام ثلاثية الأبعاد..سجلته كمسودة على هاتفى حتى لا ينمحى من ذاكرتى قصيرة المدى..
فى الحلم..
قابلت فيروز.. أنت تعرف فيروز يا عزيزى .. وتعرف كم أعتادت أن تكون أنا ..وكم اعتدت أن أكون هى..
قابلتها..هكذا بدون الكثير من المقدمات ..وسألتها:
"تُرى.. ماذا سنفعل هذه الظهيرة معًا؟؟"
فاقترحت فى بساطة أن نسافر إلى أمريكا.. ضحكت منها ،ثم حين اكتشفت أنها جادة فيما تقول ..سألتها: "جديًا، يعنى ايه نسافر لأمريكا؟؟"
هنا سألتنى فى بساطة غريبة: "معاكى فلوس؟؟"
وبطريقة ما ، وجدت فى جيبى ألف جنيه ..لا أدرى لم كانت هناك..لكن من الواضح أننى كنت أخطط لشراء شىء ما غير تذكرة لأمريكا..
هنا وجدتها تسحبنى من يدى وتقول شىء كـ"هيا ..فأنا أفعلها كل يوم حين أملك النقود لذلك"!!
وهنا-كما يحدث فى الأحلام- وجدتنا فى المطار..المطار الذى لم أره قَط فى حياتى..كان كـ... كأى مطار..طائرات كثيرة تحط وتطير وتفعل ما تفعل الطائرات ..تزأر وتأز..
وخلال دقائق،وجدتنى أمسك بتذكرة..ووجدتنا فى طائرة منطلقين إلى أمريكا..يا لها من طريقة لقضاء الظهيرة..
كنت لم أزل فى حالة الذهول تلك..هل سنسافر إلى أمريكا حقًا؟؟..وإلى أى مكان بالضبط فى أمريكا؟؟
قالت فيروز أننا متوجهون إلى ويسكونسين ..وأننا سنعود قبل الغروب..
وخلال دقائق من صعودنا على متن الطائرة..سمعنا مكبرات الصوت تعلن الوصول إلى ويسكونسين بالإنجليزية..
خرجنا من الطائرة ، فيروز تبدو وكأنها اعتادت هذا كثيرًا.. تبدو كمحنكة فعلت هذا عدة مرات..وكأن السفر إلى أمريكا روتين آخر على جدول أعمالها!!
حين خرجنا من الطائرة ، كنت أبدو كطفلة منبهرة بكل شىء..طفلة اصطحبها أحدهم إلى متجر الألعاب..أو إلى مصنع الشيكولاتة ..
الشمس جميلة فى هذا المكان..الشمس هنا تختلف عن الشمس هناك فى ذلك البلد الذى سنعود إليه قبل الغروب..على الرغم من أنها شمس واحدة ..لكنها هنا جميلة برتقالية..حين تضىء وجوه الناس فإنها تزيدهم جمالًا..
وهنا، لا أدرى متى ولا كيف وجدتنا فى شوارع المدينة.. دخلنا مكتبة ما ..وأخذنا نتفحص الكتب ..ثم وجدت تلك الموسوعة..لا أدرى لم شدت انتباهى بشكل خاص..لكنى رحت أتصفحها مع فيروز .. أريها كم أنها نظيفة تلمع..كم أنها منظمة ..وكم هى رائعة نوعية الورق تلك..كانت موسوعة جميلة ملونة..
لكننا سرعان ما خرجنا من المكتبة لنسمع جرسًا ما ..ونجد أطفال البلدة ذوى الوجوه الوردية التى تُضَخ إليها الدماء بشكل جيد..كلهم يجرون نحو المكتبة..يضحكون ويلقون الدعابات هنا وهناك..
راقبناهم لفترة لا أدرى طولها.. قبل أن نبدأ فى التجول فى الشوارع من جديد.. لا نلوى على شىء..أتوقف قليلًا لألتقط أنفاسى..قبل أن تسحبنى فيروز من يدى ..وننطلق فى جولات بلا هدف ..لا أذكر ما شاهدناه هناك ..لكنى أذكر انبهارى بكل شىء..القراءة عن ويسكونسين شىء..وأن تكون فى ويسكونسين شىء مختلف تمامًا.. 
لا أذكر معالم المكان ..لكنى أذكر جيدًا ضحكاتنا .. لم يكف وجهى عن الابتسام..وهذا فقط ما أذكره..
كان كل شىء جميلًا..الأماكن لها طابع غريب وكأنها حلم جميل -هكذا فكرت داخل الحلم- ..ولم أكن أدرى طبعًا أن هذا فعلًا مجرد حلم جميل آخر ..وفى لحظة ما سأستيقظ لأجدنى فى سريرى الخشبى أرتدى ذلك البلوفر الذى أمقته ..وبجانبى السماعة الضخمة العتيقة التى صرنا نستعملها ككومود ..وعليها عويناتى وبعض الكتب ومجلات ميكى..
لم أكن أدرى أننى سأستيقظ من كل هذا لأكتشف أكوام الاستذكار التى من المفترض أن أنجزها..
من حسن الحظ أننى لم أكن أدرى ..وإلا لما كنت حظيت بوقت ممتع كهذا..
حين جاء وقت العودة إلى ذلك البلد الذى هجرناه لساعات..
عدنا إلى المطار ..ودعت الشمس البرتقالية الجميلة بنظرة أخيرة .. ثم صعدت مع فيروز على متن الطائرة العائدة إلى ذاك البلد ..وكما حدث فى بداية الرحلة ..سمعنا الصوت يعلن الوصول إلى القاهرة ..التى لم تقهر أحدًا إلا أهلها ..
وبمنطق الأحلام ..وجدتنى مع فيروز فى ميكروباص ، عائدين إلى الجيزة ..أرى التكاتك وسائقى الميكروباصات الساخطين دومًا على شخص ما لا أعرفه .. 
الازدحام والشمس الساخطة كسائقين الميكروباصات ..رائحة أول أكسيد الكربون تفعم الجو .. العامية المصرية تتسلل إلى مسامعى..
ابتسمت ..وفكرت : من يصدق أننى منذ دقائق كنت فى ويسكونسين ..أشاهد أشعة الشمس البرتقالية الجميلة وأتركها تلامس وجهى لتضفى عليه بعض الجمال..بين أشجار التفاح التى يأتيها النسيم فتتمايل أفرعها مرحبة به.. 
رحت أتذكر تفاصيل ذلك المكان الجميل طوال رحلة الميكروباص.. وكأننى لا أريد لشىء منها أن ينمحى ..وكأنها قطرات ماء فى قبضة يدى ..أستميت عليها حتى لا تنساب على الأرض.. أرغب فى تذكرها كما هى ..
حينها أخبرت فيروز وأنا أرجع رأسى إلى الوراء وأرقب أشعة شمس الغروب : "أتعرفين ؟؟كان هذا أفضل يوم فى حياتى.. أفضل ظهيرة فى حياتى "
لا أدرى أسمعتنى أم لا .. صوت الزحام كان أعلى من صوتى .. لكنى لم أهتم..
.........
فيما بعد.. أخبرتنى فيروز أن الرحلة تكلفت ستمائة جنيه ..وقالت أنهاعادة لا تكلف أكثر من 71 جنيهًا ..وأخبرتنى أيضًا أن التكلفة كانت مرتفعة لأنهم وفروا لنا إمكانيات اضافية أثناء الرحلة .. فتوسلت إليها أن تستغنى عن تلك الإمكانيات الاضافية وألا تطلبها مرة أخرى.. ليكون فى وسعنا تحمل نفقات رحلة أخرى..
, .....
الأحلام تتداخل فى بعضها كموجات الضوء.. كلنا يعرف ذلك..وفى تلك الليلة أظننى رأيت ثلاثة أحلام.. حلم مؤلم ..وآخر جميل.. وحلم جميل مؤلم ..
أما الجميل.. فقد سردته عليك للتو.. وعن الحلم المؤلم ..فهو..
مؤلم..
سأسرده عليك فى المرة القادمة-إن كان مقدرًا أن تكون هناك مرة قادمة- ..لن تصدق كم أنا غريبة الأطوار سايكو ..!!